مثلما تصدر (تجمع المهنيين السودانيين)، في ديسمبر ٢٠١٨م وحتى نجاح الثورة السودانية السلمية في ١١ ابريل ٢٠١٩م، نشرات الاذاعات والفضائيات وأبرز عناوين الصحف الورقية والإلكترونية وتسيّد فضاءات الإعلام الجديد، هاه و (التجمع) الآن يتصدر وسائل الاعلام التقليدية والجديدة.
لكن السبب للأسف الشديد مختلف تماماً هذه المرة، و يكمن في أزمة تجاوزت التباين في الرؤى بين قيادات إلى تبادل الاتهامات الحادّة.
أذكر كيف كنت أصف التجمع في لقاءات تلفزيونية وإذاعية بأنه (قاد الثورة بجدارة واقتدار، كنت أحرص على القول إن ( الساعة الواحدة بتوقيت السودان شكّلت موعده مع الشعب في الشوارع الهادرة).
سألتني إذاعة (بي بي سي ) عن أزمة (تجمع المهنيين) الحالية ، فرأيت أن (اي خلافات داخل التجمع وفي (قوى الحرية والتغيير) ستؤثر في الأجواء السياسية، وفي الحكومة والشارع بشكل عام).
أعربت عن اعتقادي بأن ازمة التجمع الراهنة تؤشر الى أن (الانتماء الحزبي طغى على الانتماء المهني، وهذا أمر مؤسف).
سئلت عن توجيه دكتور محمد الأصم (القيادي في تجمع المهنيين ) اتهاماً في مؤتمر صحافي لجهة لم يسمها، قلت (صحيح هو لم يسمها، لكن هناك كلاماً في بعض الأوساط أن حزباً يسارياً وراء ذلك، وانا لا أتبنى هذا الموقف، لأنه ليست لدي معلومات محددة ، هل وراء ذلك (الأزمة) جهة يسارية ام يمينية).
اذاعة (بي بي سي) بثت مقتطفات من إجاباتي، ولم تبث أجزاء أخرى (بسبب الفترة الزمنية المحددة للحوار، وانا أتفهم ذل،ك وأقدر حرصهم على استضافتي) .
الزميل العزيز عبد الحميد عباس قال لي ان البعض يرى ان دكتور الأصم يغمز من قناة الحزب الشيوعي، وهل الشارع السوداني راض عن تاخير تعيين الولاة والمجلس التشريعي؟
قلت في سياق حديثي إنني لا أحب السقوط في وحل اللمز والغمز لأي حزب، أادعو إلى تلاحم قوى الحرية والتغيير ، وأضفت أن تأخير تعيين الولاة وتشكيل المجلس التشريعي خطأ كبير، وأن الشعب غير راض عن اداء الحكومة في مجال المعيشة، وأن سقف التطلعات أكبر.
أشرت الى أن من اولويات الحكومة تحقيق العدالة بشأن الشهداء والجرحى والمفقودين، وأن الشعب يريد ان يحس بجدية الحكومة، وثورية الأداء، إلى جانب التخطيط.
عبرت عن قناعتي بأن الشعب (أي أغلبيته) ملتف حول (لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة)، أي يحتضنها بمحبة، وأن هذا الالتفاف (رسالة الى الحكومة والسلطات الانتقالية، وأنه كلما اقتربت من نبض الشعب سيقترب منها، وكلما ابتعدت عن نبضه ابتعد عنها، وستكون هذه خسارة للثورة ).
قلت إن السودانيين ينجحون في العمل الفردي (في مجال الأعمال العادية وغيرها على سبيل المثال ) لكنهم يفشلون في العمل الجماعي ( خصوصاً في العمل السياسي)، لكنني أشرت أيضاً إلى نجاح العمل الجماعي في تفجير الثورة واسقاط النظام البائد، حيث اسقط شعبنا رموز الديكتاتورية والفساد (بتلاحم قوى الحرية والتغيير وفي صدارتها تجمع المهنيين).
دعوت الى تشكيل نقابات مهنية (مستقلة)، لأنني أرى أن عدم صدور قانون للنقابات، وعدم انتخابها حتى الآن في زمن الثورة يشكلان انتقاصاً لدور المهنيين، وكيانهم الجامع، ويضرب ركناً مهماً من أركان نجاح التحول الديمقراطي.
محمد المكي أحمد – لندن
٩ يونيو ٢٠٢٠