لا احد يستطيع ان يزايد على العمل الجبار الذي يقوم به وزير الصحة دكتور أكرم التوم، ولا احد يستطيع ان يشكك في ثوريته ولا في اخلاصه لمباديء ثورة ديسمبر العظيمة، ولا في محاولاته المستميته ان يجعل العلاج والدواء متوفرا للفقراء قبل الاغنياء.
كل هذه حقائق لا ينكرها الا مكابر أو معارض من اجل المعارضة فقط .
رغم كل ما قلته الا ان هناك اشياء مقلقة جدا تجري في القطاع الصحي لا نستطيع استيعابها ..المرض ( غير الكورونا) يحصد الارواح حصدا، والسبب عدم استقبال المرضى في المستشفيات وبالذات الخاصة لاسباب مختلفة. اما لعدم وجود غرف او لتعقيم المستشفى ….الخ الاسباب .
هل هناك مؤامرة تتم خلف الكواليس ونحن لا نعلم عنها وان كنت شخصيا لا احب الركون لنظرية المؤامرة في كل شيء ولكن القصص التي تحكى عن ما يعانيه المرضى وذويهم تدفعك دفعا لتصديق النظرية .
سأورد هنا قصة مريض واحد كمثال ليعرف الجميع حجم المأساة التي نعيشها . مريض يعاني من فشل كلوي واصيب بالتهاب رئوي، اهل المريض بحثوا عن اي مستشفى لاستقبال الحالة وطرقوا ابواب 14 مستشفى خاص وعام، ولكنهم لم ينجحوا في ايجاد سرير لمريضهم .
مستشفى شهير شبه خاص في ام درمان وافق على استقبل المريض ولكن بمبلغ 135 الف جنيه لليوم الواحد !!! (والله على ما اقول شهيد) . وحيث ان المبلغ المطلوب يفوق الخيال ..
تحركوا لمستشفى اخر شهير في وسط الخرطوم .. اخبروهم بوجود سرير واحد فقط وتكلفة اليوم الواحد 95 الف جنيه وعليهم دفع ملبغ 500 الف جنيه تحت الحساب أكرر 500 الف (يعني نص مليار بالقديم) . اهل المريض تحركوا لجمع المبلغ وعند عودتهم بعد اكمال المبلغ وجدوا ان الغرفة قد تم حجزها لمريض آخر نجح اهله في دفع المبلغ فورا !!! (احتفظ باسم المستشفيات المذكورة).
تحرك اهل المريض لمستشفى يوينفيرسال المخصص لمرضى الكورونا، ولكنهم رفضوا لانهم لا يستقبلون الا الحالات المؤكدة ونعذرهم في ذلك.. قال محدثي تمنينا في تلك اللحظة ان يكون مريضنا مصابا بالكورونا ليتم استقباله عندهم.
هذه قصة واحدة من مئات القصص والمآسي التي تحدث يوميا في الخرطوم ومن حق هذا الشعب ان يسأل دكتور أكرم وطاقمة الوزاري:ماذا يحدث يا دكتور أكرم وهل اجهزة الوزارة لديها علم . هل من الانسانية في شيء ان يتم دفع 135 الف يوميا للمريض مهما كان نوع المرض الذي يعاني منه .. هل من الانسانية في شيء ان تطلب مستشفى ان يتم دفع 500 الف جنيه تحت الحساب لمريض مهما كان نوع مرضه . اي ابتزاز هذا الذي تمارسه المستشفيات الخاصة وشبه الخاصة والله اكاد
لا اصدق ان تصل المتاجرة بارواح الناس الى هذا الحد من الجشع والطمع دون المراعاة للظروف القاسية التي يمر بها اهل المريض.
وغير بعيد من نفس الموضوع .. تابعت مساء امس الاول وعبر قناة النيل الازرق برنامجاً عن مشكلة الدواء في السودان، وهالني ما سمعته من مشاكل المصانع المحلية التي في استطاعتها ان توفر اكثر من 70% من احتياج الدواء ولكن هذه المصانع تواجه الامرين من تجاهل الحكومة لحل مشاكلها، التي اراها بسيطة، وكذلك الحرب الشعواء التي تمارسها الشركات المستوردة ضد هذه المصانع حتى تظل هذه المصانع كسيحة وتعمل باقل من ربع طاقتها الانتاجية، وتنفرد الشركات المستوردة بسوق الدواء وتبيع كما يحلو لها وتنتفخ جيوب وكروش ملاكها ايضا بدون اي مراعاة للمرضى واسرهم .
نعلم تماما ان جائحة كورونا قد اخذت الكثير من الجهد والوقت والمال يا دكتور أكرم ونقر بذلك، ونعترف، ولكن ان تترك هذه المستشفيات وشركة الادوية هكذا ( سداح مداح ) تفعل ما تريد وترفع اسعارها دون وازع من اخلاق او ضمير او انسانية .. عفوا دكتور أكرم .. انت تتحمل المسؤولية كاملا امام الله اولا ثم امام هذا الشعب المغلوب على أمره .
الشعب وقف معك وسيظل ولم نفقد الامل انك المنقذ لهذا التردي المريع في المرافق الصحية العامة والخاصة، وعليك ان تتخذ اجراءات عملية قبل ان تفقد نصف شعبك بالمرض او الموت .
المستشفيات العامة والخاصة يجب ان تعود للعمل بكامل طاقتها الاستيعابية اليوم قبل غدا يا اكرم ولا مناص من ذلك مهما كانت الاسباب، ومن لم يمت بالكورونا سيموت بغيره من الامراض .
حمى الله شعب السودان من المرض وجشع المستشفيات.