الا يخجل السيد وزير الصحة من الوضع الكارثي للصحة! كيف ينام هذا الرجل ومئات الأسر تبحث لاهثة عن مجرد مستشفى تستقبل مريضهم ! مجرد طبيب يعاين الحالة ! مجرد دواء يزيل ألم المريض ويعيد البسمة لهذه الاسر !! من أين جاء هذا الوزير البارد الذي لا يشبه السودانيين ولا طقسهم ولا شمسهم ولا نخوتهم !! نخجل والله ان يكون هذا وزير صحة ثورة جاءت بعد ان فار الدم الحار في كل أوردة وشرايين الشعب السوداني وانفجر الطوفان.
اين السادة المكتب الموحد للاطباء من هذا العبث ؟ أين من قادوا أعظم الملاحم من نضالات الأطباء واضرابتهم ضد نظام المخلوع ووقفوا ( شوكة حوت ) في حلق النظام ، أين هم من هذا الوضع المخجل ؟!! أين لجنة الصيادلة المركزية التي كانت علما يدل على قوى وحدة الصيادلة في الثورة ؟! أين الاختصاصيين والاستشاريين؟! أين الكوادر الطبية المساعدة ؟ مخجل هذا الذي يحدث في امر الصحة، وعار على كل طبيب وكل من درس وعمل في المجالات الصحية، ونقطة سوداء لن يمحوها التاريخ من سجلاتنا جميعا ، ونحن نعجز بهذا الشكل الكارثي عن أن نسند شعبنا وأهلنا وهم يعانون الويلات من هذا الواقع الصحي الكارثي .
لا يمكنني أن أجد أي مبرر لهذه الكوارث الصحية ابتداءا من إغلاق المستشفيات العامة والخاصة واختفاء الأدوية في رفوف الصيدليات ولهث المرضى بين المستشفيات بحثا عن سرير او طبيب ! لا يمكنني تبرير هذا ، لا يمكنني اتهام الدولة العميقة ولا الكيزان ولا الإمبريالية العالمية ولا الماسونية ، لا يمكنني الهروب من هذا الواقع ورميه على شماعة ساذجة ، بل يجب علينا أن نتحمل مسؤولياتنا، ان نعترف بفشلنا الضخم في هذا المجال، ان نعتذر لهذا الشعب الذي يستحق أفضل من هذا ، وأن نسعى للمعالجة الشاملة .
المعالجة بالضرورة سوف تقتضي إعادة هيكلة وزارة الصحة ومؤسساتها ، والمجيء بوزير جديد ( ما عنده وجع ضهر ) ، وزير لا ينام وهناك مريض يسهر باحثا عن مستشفى وليس وزير ينام( للضحى ) وكأنه بلا هم ولا مشغلة . كذلك يتطلب التغيير انتخاب عاجل لنقابة اطباء السودان واختفاء المكتب الموحد للاطباء ، وفك احتكار نقابة الأطباء الشرعية لوزارة الصحة الاتحادية واستبدالها بنقابة شرعية بحق وحقيقة انتخبها الأطباء ولم تفرض عليهم ، وكذلك يتطلب الأمر انتخاب نقابة للصيادلة والقضاء على استهبال البعض بالأسماء الوهمية مثل ما يسمى بتجمع الصيادلة وهو عبارة عن واجهة لليساريين ، ونفس الأمر ينطبق على بقية المهن بانتخاب نقاباتها الشرعية ، لتقر جميع النقابات الجديدة مع وزارة الصحة الجديدة والحكومة الانتقالية سياسات متكاملة للصحة يضلع من خلالها الجميع بادوارهم وأعمالهم ، ويغيروا هذا الوضع الكارثي .
من المعالجات المهمة تعيين الولاة ومن ثم تعيين وزراء الصحة في الولايات وانتهاء عهد مدراء الصحة المتخبط ، ومن المعالجات الاستفادة من الجيوش الجرارة من الأطباء السودانيين بالخارج في الخليج واوربا وامريكا ، والذين هم رهن الإشارة وعلى استعداد لتقديم كل الحلول وأعظم المبادرات للمساهمة في تغيير هذا الواقع الكارثي للصحة ، وعلى رأس هذه المبادرات التطبيب عن بعض telemedicine ، باستيعاب آلاف الأطباء بالخارج في برنامج قومي يقدم من خلاله هؤلاء الاستشاريين والاختصاصيين خبراتهم لمساعدة المرضى بالداخل عبر تقنيات التواصل الرقمي المتطورة التي لا تكلف كثيرا ولكنها تحدث أثرا عظيما في تخفيف ومعالجة اثار هذا الوضع الصحي الكارثي.
من العيب أن تكون ردة فعل الجيش الأبيض تجاه ما يحدث في بلادنا من كوارث صحية بهذه السلبية ، من المخجل ان يكون الجيش الأبيض الذي قاد الثورة وكان موجودا دوما بين الرصاص والبمبان بين الدماء والدموع بين الموت والجراح بهذا الجمود وهذا السكوت ، ولكنه نتاج غياب القيادة ، فلجنة اطباء السودان المركزية ومن معها قادوا الثورة بحنكة واقتدار حين كانوا القادة ، اما الان فالقائد الذي اخترناه على قمة الهرم وزيرا للصحة لم يكن بحجم التطلعات ولا حجم الثورة ، عار ومؤسف ان يستمر الوضع بهذا السوء ونتحدث جميعا عن وجود ثورة ، عار ومؤسف ومخجل ونستحق عليه الخسف والسحق والسحل في الطرقات .
sondy25@gmail.com