لماذا يعترض المتهمون بقرارات لجنة التمكين سريعاً، قبل يجف عرقها، ويصفونا بالتحيز والظلم، مع العلم أن ما تسترده اللجنة يذهب الى الدولة ؟!
فالكيزان يريدون تشكيك الناس في عمل اللجنة وعدم قانونيتها؛ لتكوين رأي عام معارض للجنة لحلها، ومن ثم الافلات من العقاب، أو المحافظة على مؤسساتهم ومنطماتهم التي تأسست من المال المغصوب.
فالكيزان يوهمون الناس أنهم يريدون العدالة عن طريق المحاكم ولكنهم في واقع الأمر يمكرون… لمعرفتهم بطول إجراءات القضاء العام مما يسهل عليهم طمس الأدلة، وإخفاء المستندات، بل وحرقها مقارنة بعمل اللجنة، وهو عمل سياسي وقانوني وشرعي أسلامي مية المية وجراحة سريعة وناجعة.
فمهمة اللجنة المباغتة ومن ثم القيام بالتحقيق وجمع المعلومات من الأطراف المعنية والفحص والمراجعة والمقارنة واستدعاء المتهمين ثم تصدر القرار الناجع…
وما يجعلهم يصرخون أنهم لم يضعوا حسابا لمثل هذا اليوم لانهم نسوا الله فاأساهم انفسهم.
وبعد ذلك يبقي على الشخص المتضرر ان يثبت براءته ضد قرار اللجنة أمام القضاء، مع العلم ان اللجنة تذكر عقب كل قرار تصدره قولها بفتح البلاغن وإحالة اوراق الموضوع الى الجهات القانونية المعنية.
إضافة إلى ذلك، فإن الاموال التي لا تستردها اللجنة لا تذهب إلى أشخاص أو أحزاب بعينها وانما تذهب الي وزارة المالية اي الى حكومة جمهورية السودان.
فلجنة محاربة الفساد تقوم بعمل جليل يفترض أن تشكر عليه ومساعدتها في رد الحقوق إلى الشعب؛ لأتها تنقل الأصول الحكومية المغتصبة بشبه الفساد واستغلال النفوذ الي الدولة أي اعادتها لملكية الشعب يعني لكل الناس؟!!!
اذن لماذا الصراخ!! نعم لماذا الصراخ إذا كان باب الاعتراض والتظلم القضائي مفتوحاً على مصارعيه، ولا أحد فوق القانون..
ولقد راينا تطبيق العدالة بشفافية ووضوح ورضاء تام في عضو لجنة تفكيك التمكين الدكتور صلاح مناع حيث رفعت شركة زادنا بلاغاً بالتشهير بسبب اتهامه للشركة في مؤتمره الصحفي بالتلفزيون الرسمي.
وقد اخطأ الدكتور مناع خطأ فادحا باتهام الشركة وكان عليه عدم ذكر الاسم لا تصريحا ولا تلميحا الا بعد ثبوت التهمة قضائيا او بموجب قرار تصدره لجنة التمكين المبني على المستندات والادلة واحالة الاوراق للنيابة العامة الجهة المسؤولة عن استكمال عمل اللحنة وفتح البلاغات.
قلت ان عمل اللجنة شرعي من الناحية الاسلامية فلا احد ينكر علينا حديث المصطفي صلى الله عليه وسلم القائل: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجز).
فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد أرسل الخليفة عمر بن الخطاب الى واليه في مصر عمرو بن العاص يقول له: (انه قد فشت لك فاشية من متاع ورقيق وآنية وحيوان لم يكن لك حين وليت مصر).
فرد عليه عمرو بن العاص قائلاً: (إن ارضنا أرض مزراع ومتجر ونحن نصيب فضلا عن ما نحتاج إليه من نفقة).
فقال له عمر بن الخطاب ودون الدخول معه في كثير كلام لوجود مجرد شبهة استغلال الوظيفة: (فإني قد وجهت إليك محمد بن مسلمة ليقاسمك مالك، فاطلعه على ما عندك، واخزج إليه ما يطالبك به، واعفه من الغلطة فإنه برح الخفاء).
ومعنى برح الخفاء يعني انكشف الامر لنا أي إن الموضوع بالدارجي كده واضح، وما عايز كلام كثير وخطابات وردود.
ونرى كيف فعلت السلطة فعلتها مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومع صحابي جليل كعمرو بن العاص سبق ان استعمله النبي صلى الله عليه وسلم أميرا على ابي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما في غزوة ذات السلاسل.
فلماذا يستنكف الاسلاميون ان تكشفهم لجنة تفكيك التمكين، ولماذا يتهمونها بالظلم والتشفي مع العلم أن شيخهم الترابي غزير العلم، رحمه الله، قد اتهمهم في اكثر من حديث بالطغاة ووصفهم في اكثر من مناسبة المفسدين؟
وان عبارة (خلوها مستورة) المشهورة على لسان على الحاج الأمين العام للمؤتمر الشعبي الإسلامي وليس البعثى او الشيوعي او الانصاري مفهومة لكل الناس، ولا تعني إلا كما تعنيه عبارة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (برح الخفاء).
وفي مثال آخر، فقد كان نياق عبد الله بن عمر بن الخطاب هزيلة على عهد ابي بكر الصديق رضي الله عنه ولما رآها والده عمر بن الخطاب بعد فترة من توليته الامارة سمينة، وأعجبه حالها رد نصفها إلي بيت المال، قائلاً له:
(ان الناس يتركونها ترعى في مراعيهم لكونك ابن الخليفة امير المؤمنين)، أي شبهة مراعاة سلطة والده.
وليس هذان هما المثلان الوحيدان فهنالك العديد من الأمثلة مع ابو هريرة وخالد بن الوليد وقدامة بن مظعون خال عبدالله وحفصة وعبيد الرحمن بن عمر ومع ام المؤمنين حصفصة، بل حتى مع شقيق ابي بكرة خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وليس حديثي هذا من باب الموعظة الحسنةن فإن الناس ليسوا في حاجة إلى مواعظ او حسنات ولكن من قبيل اغلاق الباب أمام الذين يريدون إسكاتنا باسم الدين والذين يشترون به ثمناً قليلاً.
وفي الختام، إن الشجاعة الحقة والدين القويم يستدعيان تطبيق الإسلام على أرض الواقع؛ خوفاً من الله عز وجل، وليس تعويق العدالة وإسكات الآخرين عن طريق اتهامهم بالكفر والإلحاد ووصمهم بالعلمانية بهدف الافلات من العقوبة والتستر بلباس الدين.
بل إن التمسك بمبادىء الشريعة والتقوى يستلزمان أن يقوم كل من أفسد واستغل نفوذه لمنافع شخصية أن يعيدها إلى لجنة محاربة الفساد او للدولة باي طريقة كانت… بدلا من أن يرغي ويزبد ويبرق ويرعد ثم يكذب ليزيد الطين بلة..
والافضل لنا جميعا ان نتحلل اليوم قبل الغد …. ومن قبل أن لا يكون دينار ولا درهم.
عبد الرحيم وقيع الله