طالعنا بالأمس وزير الصحة د اكرم على التوم في حوار اسفيري مع جمعية نوبية في بريطانيا على الفيسبوك ليوزع مزيدا من الاتهامات يمينا ويسارا ، ولا يترك شخص ولا منظومة ولا جهة الا ووجه إليها سهام التشكيك والتخوين ، وهو أسلوب تعود عليه هذا الرجل الذي لم يكن يعرفه أحد لا في الوسط الطبي ولا السياسي ولا في فضاء العمل الوطني العام ، رجل كل مؤهلاته في العمل العام انه ( إبن حاجة كاشف بدري ) إحدي رائدات العمل النسوي في السودان .
اتهم الوزير في حواره الاسفيري زملاءه الأطباء الثوار الذين عينتهم الثورة كما عينته في وزارة الصحة خلال الفترة الماضية ب (عدم الكفاءة) و ( عدم الأمانة ) ، عدم الكفاءة قد تكون ( مبلوعة ) فتقدير الكفاءة يخضع لمعايير متعددة ، ولكن اتهامهم ب ( عدم الأمانة ) فيه تجني واضح ولن يمر مرور الكرام ، مصطلح عدم الأمانة يترافق مع الخيانة والسرقة وكليهما تهم جنائية يجب إثباتها في المحاكم قبل إطلاقها في الأسافير . الوزير المبجل عليه ان يطلع الجماهير على ما سرقه هؤلاء الأطباء أو عليه ان يعتذر على الملأ كما اتهمهم على الملأ ، فالاطباء المقصودون نعرفهم حق المعرفة ، هم قمة في النزاهة والامانة ونكران الذات ، والسكوت عن تهمة الوزير في حقهم سوف تجعلها تهمة ثابتة تلاحقهم طيلة حياتهم .
من عجب ان الذين يتهمهم اكرم التوم بعدم الامانة كانوا هم من حافظوا على امانة الثورة حتى انتصرت ، حين كان اكرم التوم ( مرطبا ) في مصر واوربا كان هؤلاء الأطباء ( غير الاكفاء وغير الامينين ) معتقلين في السجون او احرارا يقودون ثورة الشعب السوداني ، حين كان اكرم التوم متسكعا وعاطلا في قهاوي القاهرة كان هؤلاء الاطباء هم قادة الجيش الأبيض يزمجرون في وسط الموت والرصاص ، فكيف يأتي هذا ( النكرة ) الذي لا نعرف له نضالا ولا قتالا لكي يتهم الاطباء الثوار المناضلين في أمانتهم !!! إنها مهازل آخر الزمان ، ومصيبة هذا الشعب ان يثور ويموت ويضحي ويأتي لوزاراته أمثال اكرم .
المرحلة الراهنة حساسة وخطيرة وتتطلب من الذين يتقلدون المناصب العامة قدرا عظيما من اللباقة والدبلوماسية ، مرحلة لا يصلح فيها الكلام (ساكت) ولا ( النضمي الفارغ ) ولا الشخصيات الكرتونية الصراعية وإنما مرحلة عمل جاد تحتاج لقادة عظام يقودون البلاد نحو الوحدة والتعاون لا الصراع والشتات ، الوزير اكرم لا يفعل شيئا سوى الصراع والمشاكل ، حوله جوقة من المطبلاتية وحارقي البخور جعلته ينتفخ حتى ظن أنه فريد عصره ووحيد زمانه .
سجل صراعات اكرم لا ينتهي ، الرجل صارع اللجنة العليا للطواريء الصحية وأصبح يتغيب عن اجتماعاتها وهي أرفع جهة صحية في الدولة لمواجهة جائحة كرونا ، صارع مدراء الصحة في ولاية الخرطوم وفي عهده استقال مدير وأقال مدير وكليهما من الثوار ، ثم صارع مدراء إدارات وزارة الصحة ، فاستقال نتيجة لذلك عشرة مدراء ، وأقال هو خمسة آخرين ليبلغ الإجمالي خمسة عشر موظفا من موظفي أرفع الادارات في وزارة الصحة ، مع العلم بأن كيزان الوزارة الاتحادية موجودين حتى الآن، حضرته أقال الثوار وترك الكيزان يسرحون ويمرحون ، وبعد ذلك يأتي من الثوار المغفلين من يدافع عن هذا الوزير الدكتاتور ، ثم صارع الرجل لجنة اطباء السودان المركزية ، ثم صارع لجنة الاختصاصيين والاستشاريين ، ثم صارع إدارة المعمل القومي حتى استقال مديرها ، ثم صارع إدارات الصيدلة والأدوية والسموم حتى نضبت جميع الأدوية في كل أرفف الصيدليات في السودان ، ثم صارع اطباء المهجر من الأجسام الطبية التي لا تتعامل معه نتيجة ما ظهر من سوء إدارته وطيش تصرفاته، ثم صارع وزارة المالية واتهمها بتبديد أموال الكرونا وهو ما سارع البدوي لإسكاته بالطلب من رئيس مجلس الوزراء فتح تحقيق رسمي ليكتشف الجميع الحقائق . هذا جزء من صراعات هذا الرجل الذي لا يمل من الصراع ، في خلال أقل من سنة واحدة صارع اكرم التوم أي جهة لها علاقة بوزارته ، صارع أي شخص دخل وزارته ، ولو دخل الوزارة ظلا لصارعه، لم يبق إلا أن يصارع نفسه وهو ما سيحدث قريبا بلا شك .
تعشم الأطباء ان يكون الوزير الجديد اكرم التوم خيطا يرتق الفتق بين أجسام الأطباء، و( مسمار نص ) في عملية توحيدها ، ولكن الرجل لم يكن مناسبا على الإطلاق لهذه المهمة ، بل كان على النقيض تماما ، انحاز اكرم مباشرة إلى أحد الأجسام الثلاثة وقلب ظهر المجن للاثنين الأخيرين، وأصبح في نفسه جزء من الصراع والحرب . هل تعلمون ان لجنة اطباء السودان المركزية تقفل في وجهها ابواب سعادة الوزير ؟؟! اللجنة التي قادت ثورة السودان وجيشه الابيض في الوقت الذي كان فيه اكرم متسكعا في القاهرة مغلقة أمامها الأبواب !! هل تعلمون أن لجنة الاختصاصيين والاستشاريين تعامل بطريقة فظة وجحود من قبل الوزير لا لشيء إلا لأنها تقول الحق في وجهه !! هل تعلمون ان المجلس الاستشاري لوزير الصحة الذي عينته الثورة من خيرة اطباء هذا البلد لا يشار ولا يستشار ؟! هل تعلمون ان مئات المبادرات والسياسات والخدمات التي أراد أطباء السودان بالمهجر تقديمها للوزارة يجلس أصحابها بالساعات في انتظار الوزير في دوامه الرسمي وسعادته ( نائم ) !! هل هذا وزير صحة الثورة ؟ هل هذا من ناضلت جماهير الأطباء لأجله ؟ كلا ولا .
اكرم ليس كفوء ولا جديرا بهذا المقعد ، بشخصيته الصراعية خسر الأطباء واجسامهم الثورية داخل وخارج السودان الا جسم واحد واتباعه في المهجر ، كل يوم يمضي عليه في هذا المنصب يعني المزيد من خسارة الارواح ، يعني المزيد من الشقاق والخلاف والمعارك بين اجسام الأطباء ، وهو وضع لن يتحمله الأطباء ، سينطلق طوفانهم ضده قريبا وقريبا جدا ، ويومها لن يلوم اكرم التوم إلا نفسه .
sondy25@gmail.com