قبل ايام أصدر مجمع الفقه الإسلامي بيانا أعلن فيه عدم صلاحية مقرر التربية الإسلامية للصف الأول الابتدائي الذي اشرفت عليه إدارة المناهج الجديدة .ردت وزارة التربية والتعليم مباشرة مستنكرة تدخل مجمع الفقه في هذا الأمر ، وحدث الاشتباك . ترجع القصة إلى أن إدارة المناهج عرضت المناهج الجديدة على مجلس الوزراء في جلسة لم يكن موجودا فيها وزير الشئون الدينية والأوقاف، ولذلك ارسلت له نسخته ، بعد استلام الوزير للمناهج ارسل نسخا منها إلى مجمع الفقه ، للاطلاع عليها وإبداء الملاحظات ، فقام مجمع الفقه بإصدار هذا البيان .
هناك ملاحظات عديدة حول طريقة إثارة هذا الموضوع في ظل وجود خلفية جدلية حول مدير المناهج مما يجعل الأمر حساسا وينذر بفتنه اذا لم تتم مداركته بسرعة .
اول الملاحظات هي متى قامت إدارة المناهج بإعداد منهج جديد؟ وبواسطة من ؟ فالشاهد ان الاحتجاجات الكثيفة التي ثارت ضد إدارة المناهج الجديدة تجعل هذه الإدارة تحت المجهر وأي خروج لها عن الشفافية المطلوبة قد يجعلها تحت مرمى السهام، ولذلك مطلوب من إدارة المناهج ان تعلن عن منهجيتها في تجديد المناهج ، ليس كافيا أن يخرج القراي لوحده للحديث عن هذا الأمر، بل ليس محبزا من الأساس، فهو شخصية جدلية عليها غبار كثيف ، والأفضل خروج متحدثين جدد من أساتذة كرام يشرحوا هذه النقاط، خاصة وأن الإسراع في إعداد المناهج بدون إقامة مؤتمر قومي للتعليم او مؤتمر عام للمناهج هو أمر مستغرب .
ثاني الملاحظات ارسال المقرر من وزير الأوقاف إلى مجمع الفقه فيه دلالة على مشاركة هذا الوزير مع مؤسسات وزارته وهي صفة ممتازة ، فهذه الثورة لم تقم الا للقضاء على ثقافة مسرح الرجل الواحد ، التي يتحكم فيها الوزير بكل صغيرة وكبيرة في شئون الوزارة ولا يترك لمدراء الإدارات والموظفين مجالا للتنفس حتى ، وهذا النموذج موجود بوضوح في وزارة الصحة وقاد إلى ١٧ إقالة واستقالة لمدراء كبار نتيجة تحكم ودكتاتورية وزير الصحة .
ثالث الملاحظات أخطأ مجمع الفقه بإعلان موقفه للعامه، فالمجمع كان عليه أن يرسل ملاحظاته لوزير الأوقاف، وأن ينتظر رد وزارة التربية والتعليم وإدارة المناهج على ملاحظاته عبر وزير الشئون الدينية ، وأن لم يستجاب لها بعد ذلك من حقه أن يعلن رأيه تبرئة لذمته من الشراكة في مناهج لا تصلح للتعليم من وجهة نظره .
رابع الملاحظات هو الرد المتعجل والمليء بالعبارات غير المتوازنة من وزارة التربية والتعليم ، وصلت مرحلة اعلان الوزارة أن مناهجها فوق النقد واللمس !! وهو منهج عجيب في التعامل مع المناهج ، مجمع الفقه لديه ملاحظات على مادة التربية الإسلامية، وهو جهة معتبرة داخل الدولة ومن حقه إبداء الملاحظات حول منهج التربية ( الإسلامية ) بالتحديد، وواجب وزارة التربية والتعليم الرد على الملاحظات بكل احترام وتقدير بما ان الاثنين جهتان حكوميتان، ومركبهما واحد، اذا غرقت سيغرقا معا .
يخطي الكثيرون إن ظنوا أن مجمع الفقه الراهن هو نفسه مجمع العهد البائد كما دلت اشارة في بيان وزارة التربية والتعليم ، الحقيقة أن مجمع الفقه الكيزاني تم حله وتم تشكيل مجمع جديد بواسطة وزير الثورة نصرالدين مفرح ، وبالتالي لا يمكن الشك في ولاء ووطنية هذا المجمع ، ولا يجب أن يكون التخوين والشكوك هو سلاح البعض ضد الآخر من الثوار ما لم يكن هناك دليلا بينا.
وزارة التربية والتعليم وبما انها تخطت رأي الكثيرين من الثوار بإقامة مؤتمر قومي للتعليم او مؤتمر قومي لمراجعة المناهج ، وبما انها لم تستجب للحملات التي طلبت منها إقالة القراي لما حوله من شبهات دينية ، فإن عليها ان تكسب ود ودعم جميع الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية ، تجنبا لما قد يحدث لاحقا من ثورات وعواصف من الجماهير بعد الاطلاع على المنهج ، فالذي تخسره الوزارة الآن لن تكسبه مستقبلا .
sondy25@gmail.com