القرارات القوية والجريئة التي اتخذتها لجنة الطواريء الاقتصادية تدعو للتفاؤل ان الوضع الاقتصادي المنهار سيتجه نحو الانفراج واننا سنخرج من عنق الزجاجة شريطة ان يتم تطبيق هذه الحزمة من الاصلاحات الاقتصادية وبحزم شديد .
اولى هذه القرارات الهامة هي انشاء محفظة السلع الاستراتيجية بحيث تتحكم هذه المحفظة في تصدير سلع الصادر الاساسية مثل الذهب والثروة الحيوانية وفي نفس الوقت تتحكم ايضا في وارد السلع الاساسية مثل القمح والوقود والادوية .
والتحكم هنا بمعنى ان تقوم هذه المحفظة بتمويل سلع الصادر وتستفيد وتتحكم في عائد هذا الصادر اضافة الى رأس مال المحفظة في استيراد السلع الاساسية المذكورة .
هذه المحفظة من المفترض ان يشارك في تأسيسها البنوك الوطنية وعلى رأسهم بنك السودان ورجال الاعمال اضافة لعائد الصادرات السودانية وتحديدا الذهب والثروة الحيوانية .
لم يصدر المنشور الرسمي لهذه المحفظة والتي من المفترض ان يصدر يوم السبت بعد غدا حسب تصريحات حمدوك والمعلومات التي تحصلت عليها تقول ان هامش الربح للمساهمين سيكون ما بين 3% الى5% . وان هناك رجل أعمال اودع في المحفظة بالفعل 100 مليون دولار اضافة الى 2 طن من الذهب .
ولا شك ان هذه المحفظة ستؤثر كثيرا في سعر الدولار وسيجبره على التراجع ولا يختلف اثنان انه ومنذ نظام الانقاذ البائد كانت الحكومة هي أكبر مشتري للدولار من السوق الموازي وربما هذا الامر مازال ساريا حتى الان وذلك لتأمين وتوريد السلع مثل القمح والادوية والوقود .
بعد قيام المحفظة واذا احسنا ادارتها وجلب البنوك ورجال الاعمال للمساهمة فيها فإن ذلك قطعا سيؤدي الى توقف شراء الحكومة للدولار من السوق الموازي .
نعم هامش الربح عند البنوك افضل وهي في حدود 7% ولكن نحن هنا نتحدث عن الروح الوطنية ودفع الاقتصاد الكلي للامام . وحسب معلوماتي الاقتصادية المتواضعه ارى ان تتم تصفية المحفظة عند نهاية كل سنة وحساب ارباحها وتسليمها للمساهمين . حتى يشعر المساهم بالاطمئنان .
بالتوازي مع قيام المحفظة اصدر بنك السودان منشورا آخر لا يقل اهمية من قيام المحفظة وهي السياسات الجديدة في شراء وبيع وتصدر الذهب . ولأول مرة منذ ظهور الذهب في السودان يخرج بنك السودان كليا من السيطرة على تحديد سعر الذهب حيث ان تحديد السعر سيكون حسب سعر البورصات العالمية وبالذات بورصة دبي .
وبهذا يتمكن التاجر او الشركة او الافراد من بيع انتاجهم من الذهب بنفس السعر العالمي وهذا يقفل تماما اي باب من ابواب تهريب الذهب والذي ظل يعاني منه السودان لسنوات طويلة . والجميع يعلم ان السودان ينتج سنويا ما بين 100 الى150 طن من الذهب ويحتل المركز التاسع عالميا والثالث افريقيا في انتاج الذهب ولكن وللاسف الشديد ان 80% من هذه الكمية المهولة تخرج من السودان بطرق غير قانونية ولا تستفيد منه الدولة .
السياسة الجديدة منحت السعر المجزي للمنتج وهو السعر العالمي اليومي . ومنحت حرية التصدير للافراد والشركات لمن يمتلك 10 كيلو فأكثر وذلك حسب اجراءات وزارة التجارة في الصادر وبنظام الدفع المقدم ( عدا شركات الامتياز )
أضافة لذلك ان الحكومة ستستلم نصيبها من الشركات عينا وبذلك يستطيع بنك السودان من تكوين رصيد كافي من الذهب من نصيب الدولة اضافة للرسوم الاخرى من زكاة وضرائب وخلافه وايضا بالشراء المباشر وبالسعر العالمي .
أختم بالقول ان هذه السياسات مثل محفظة السلع الاستراتيجية وتعديل طرق بيع وتصدير الذهب ستؤثر بشكل مباشر في رفع الاقتصاد من كبوته وكبح جماح الدولار ويمكننا القول ان هذه تعتبر الخطوة الاولى في اصلاح الاقتصاد ..دعونا نتفائل فالقادم احلى واجمل
نقطة اخيرة .. كنت اتمنى من لجنة الطواريء الاقتصادية ان تلقى نظرة على الاسعار المشتعلة للسلع في الاسواق وبشكل جنوني واقول ان هناك فوضى عارمة في الاسواق نتيجة لتهاون وزارة التجارة في اداء مهمتها الاسعار غير منطقية ..هناك جشع فاق حد التصور .. الاسعار الان غير حقيقية .. الكل يزيد في سلعته بدون رابط وبدون ضمير .. اضرب لكم مثالا واحدة بإعتباري لصيق جدا بهذا القطاع وأعلم كل خباياه . رطل اللبن الطازج يباع اليوم ما بين 40 الى 50 جنيه في الاسواق . اقول لكم ان السعر الحقيقي للمستهلك يجب ان يكون ما بين 25 الى 30 جنيه وكل ما زاد عن ذلك جشع وطمع ليس الا أقول هذه وبمعرفة حقيقية عن هذا المجال وقس على ذلك معظم الاسعار الملتهبة .
اين انت با وزير التجارة ؟؟!!!!