لم يتراجع موقعا «تويتر» و«فيسبوك» عن مواصلة سياسات الإشارة إلى المحتويات التي يعدانها تتعارض مع سياساتهما في مراقبة المحتويات الضارة أو المثيرة للانقسام، على الرغم من الأمر التنفيذي الذي وقّعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بهدف إعادة «تنظيم» العلاقة مع شركات التواصل الاجتماعي.
وقام «تويتر» مساء الخميس بوضع علامة زرقاء على مقطع فيديو شاركه الرئيس ترمب في حسابه على الموقع، وذلك للمرة الثالثة بعد حادثتين سابقيتين. وتنذر الخطوة بمعركة جديدة مع ترمب، الذي يخوض منذ أسابيع عدة معارك مع تلك المواقع، انتهت بتوقيعه أمراً تنفيذياً، يقلص الحماية القانونية لمنصات التواصل الاجتماعي، وقيام الجمهوريين في مجلس الشيوخ بتقديم مشروع قانون يصب في الاتجاه نفسه.
ونشر ترمب مقطع فيديو يُظهر طفلاً أبيض يركض وراء آخر أسود، وفي خلفية المشهد يظهر شعار «محطة سي إن إن» مرفقاً بتعليق «طفل مذعور يفر من طفل عنصري». وفي نهاية المقطع تظهر عبارة تقول: «أميركا ليست المشكلة. الأخبار المزيفة هي المشكلة». ورأى «تويتر» أن محتوى الفيديو تم التلاعب به، شارحاً أن العديد من الصحافيين أكدوا أنه تمت إعادة تحريره بطريقة مخالفة لمحتواه الأصلي، وأن التعليق المرفق معه ليس حقيقياً، والقصة الأصلية نشرتها المحطة المذكورة عام 2019 وهي تحكي عن صداقة بين طفلين.
وقال متحدث باسم «تويتر» ليلة الخميس، إنه تم تصنيف الفيديو بهذه الطريقة استناداً إلى سياسة الشركة المتعلقة بالمحتوى الذي يتم التلاعب به.
وهذه هي المرة الثالثة التي يضع «تويتر» علامة على محتوى ينشره ترمب، فيما أشار في مرتين سابقتين إلى تغريدتين لترمب واحدة تتحدث عن مزاعم غير مدعومة بحدوث تزوير في اقتراع بالبريد، منبهاً المستخدمين إلى ضرورة التحقق من المنشورات. وبعد أيام أشار «تويتر» إلى تغريدة ثانية اتهم فيها ترمب بـ«تمجيد العنف» بعد أن كتب رداً على احتجاجات مقتل جورج فلويد: «عندما يبدأ النهب، يبدأ إطلاق النار».
من جهة أخرى أزالت شركة «فيسبوك» الخميس، إعلانات لحملة إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترمب، لانتهاكها سياساتها بشأن خطاب الكراهية. وقالت المتحدثة باسم الشركة آندي ستون، لشبكة «سي إن إن» إن الشركة أزالت تلك المشاركات والإعلانات «لانتهاك سياستها الخاصة بمكافحة الكراهية المنظمة». وأضافت: «سياستنا تحظر استخدام رمز مجموعة كراهية محظورة لتحديد السجناء السياسيين دون سياق يدين أو يناقش الرمز».
والإعلانات التي هاجمت ما وصفته حملة ترمب بـ«المجموعات اليسارية المتطرفة»، ظهرت على شكل مثلث مقلوب. وقالت رابطة مكافحة التشهير في الولايات المتحدة، إن المثلث مطابق عملياً لذلك الذي استخدمه النظام النازي لتصنيف السجناء السياسيين في معسكرات الاعتقال. واستهدفت الإعلانات مجموعة «أنتيفا» اليسارية المناهضة للفاشية، داعيةً مؤيدي ترمب إلى دعم دعوات الرئيس لتسميتها منظمة إرهابية. وردت حملة ترمب بأن المثلث الأحمر كان رمزاً تستخدمه «أنتيفا» على نطاق واسع.
ووفقاً لمكتب الإعلانات السياسية على «فيسبوك»، بدأت مجموعة من الإعلانات التي تحتوي على الرمز المسيء في العرض، الأربعاء، على صفحة ترمب الرئيسية على «فيسبوك»، وصفحة حملة «فريق ترمب»، وكذلك صفحة نائب الرئيس مايك بنس. وتمت مشاهدة تلك الإعلانات نحو مليون مرة تقريباً على صفحة ترمب وحدها، وفقاً لبيانات نقلتها «سي إن إن» عن شركة «فيسبوك».
وأكد مدير الاتصال في حملة ترمب، تيم مورتو في بيان أن المثلث الأحمر هو رمز تستخدمه «أنتيفا». وأضاف: «نلاحظ أن (فيسبوك) لا يزال يستخدم رمز مثلث أحمر مقلوب، والذي يبدو مشابهاً تماماً، لذا من الغريب أن يستهدفوا هذا الإعلان فقط». وأشارت حملة ترمب إلى عدة روابط لمواقع تعرض بضائع تحمل الرمز ذاته.
ومع استمرار المماحكات والمواجهات معها، قدم أعضاء جمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي ووزارة العدل الأربعاء، مقترحات من شأنها تقليص الحماية القانونية لمنصات التواصل الاجتماعي. وتستهدف تلك المقترحات قانوناً صدر عام 1996 يمنح شركات الإنترنت حصانة من الدعاوى القضائية المتعلقة بالمحتوى المنشور على مواقعها من قبل أطراف ثالثة، ويتيح لها تنظيم المحتوى بما وصف بأنه «حسن النية». وهاجم ترمب ما وصفه «بالنشاط المضلل لشركات التواصل الاجتماعي» واتهمها بـ«الانحياز السياسي وبإسكات أصوات المحافظين والتضييق عليهم بشكل كامل».