في تواصل هاتفي مع اهلي في المناقل وجدت الشكوى عظيمة ، ارتفاع في الأسعار ، ومعاناة يومية للحصول على الاحتياجات الأساسية، قطعة الخبز الواحدة تباع بخمسة جنيهات ، ملوة دقيق الذره فاقت ال ٢٥٠ جنيه ، جوال ذرة طابت ٧٠٠٠ ، جوال السكر ٣٨٠٠ ، جوال البصل ٢٤٠٠ ، جركانة زيت ٣٤٠٠٠ ، رطل الحليب ٤٠ ، رطل الشاي ٢٧٠ ، رطل البن ٢٦٠ ، كيلو اللحمه عجالي ٦٠٠ _ ٧٠٠ ، كرتونة الارز ٩٥٠ جمله ٨ كيلو ، كرتونة العدس ١٨٥٠ جمله ١٠ كيلو ،
كيلة الفول المصري ٢٤٠٠ ، طبق البيض ٥٠٠ ، برميل الجازولين ١٤٠٠٠ جنيه !! هذا غلاء فاحش ، هذا الوضع فوق احتمال الاسر السودانية وفوق طاقتها الشرائية ، وهو كارثة بكل المقاييس . وصول أسعار السلع في ظل حكومة الثورة أرقاما فلكية بهذا الشكل هو وضع مخجل ، الاسعار تفوق بمراحل ما كانت عليه في أيام المخلوع ، هذا واقع اقتصادي سيحفز الجماهير على الخروج ضد الحكومة الانتقالية ، نعلم أن طلاب عطبرة أشعلوا شرارة ثورة ديسمبر ضد غلاء سعر الخبز في مدرستهم ، حين اطاحوا بالبشير كانت احلامهم ان يتراجع سعر الخبز ليصبح في المتناول،
ولكن ما حدث هو العكس ، تضاعف سعر قطعة الخبز إلى عشرة اضعاف ما كان عليه ، هذه الحقيقة تمثل فضيحة مكتملة الأركان لوزير التجارة ووزير المالية ورئيس مجلس الوزراء ومجلس السيادة بكامله وقوى الحرية والتغيير بكاملها، وتثبت ان الحكومة الانتقالية عاجزة عن تحقيق أهداف الثورة في خفض التضخم وكبح جماح السلع وتوفير العيش الكريم للمواطنين .
وجود جرائم الفساد والمحسوبية وجرائم القتل خارج القانون والظلم والجبروت وكبت الحريات في ظل نظام المخلوع هي من أسباب الثورة عليه ، وهي أسباب لا وجود لها في ظل الحكومة الانتقالية ، بينما الحقيقة تبقى أن الضائقة الاقتصادية هي السبب المباشر الذي حفز المواطنين العاديين للاشتراك في الثورة ، الحكومة الانتقالية بمكوناتها الثلاثة ( سيادة، وزراء ، قحت ) عليها ان تعي هذه الحقيقة ، عليهم أن يعلموا ان المناصب ليست شيكا على بياض من المواطنين وليست هدية مجانية من الجماهير ، بل مسؤلية جسيمة ستحاسبهم عليها الجماهير حسابا عسيرا ، إن نجحوا شكرتهم وان فشلوا أطاحت بهم ،كان ذلك على الشعب حتما مقضيا .
هناك تحديات تواجه الحكومة الانتقالية ، وهي طبيعة الحكم ، في كل مكان في العالم تواجه الحكومات التحديات ، ووظيفة الحكومات هزيمة هذه التحديات وحماية الشعوب منها ، الغلاء هو التحدي الأضخم الان ، المواطن يمكنه أن يتحمل كل شيء إلا الغلاء ، الفقر في بلادنا يتخطى ٨٠% من السكان ، إرتفاع أسعار السلع ولو بجنيه واحدة يؤثر بصورة مباشرة على هذه النسبة ، فما بالك بالزيادات التي بلغت آلاف الجنيهات !!! هذا فشل بين وواضح واستمراره يعني الثورة على الحكومة ، الحكومة الانتقالية عليها التحلي بالشجاعة قبل فوات الأوان ومواجهة الفشل ، ان لم يستطيعوا القيام بمهام الحكم فليتقدموا باستقالاتهم احتراما للثوار ولدماء الشهداء ، ولتأتي حكومة جديدة تخرج البلد من الأزمات.
sondy25@gmail.com