ليس هناك خلاف حول ضعف الأداء التفيذي للحكومة الانتقالية مع تقديرنا لحجم التحديات العملية الناجمة من استمرار وجود مخلفات الإنقاذ السياسية والاقتصادية والأمنية، لكن ذلك لا يبرر عدم اتخاذ المعالجات اللازمة لتنفيذ أهداف ثورة ديسمبر الشعبية خاصة تنفيذ برنامج الإسعاف الاقتصادي وتحقيق السلام وسيادة حكم القانون.
ازداد القلق الشعبي المبرر خاصة بعد طفح بعض الخلافات وسط قوى الحرية والتغيير رغم إمكانية معالجتها داخلياً ديمقراطياً، وبطء عملية استكمال مؤسسات الحكم خاصة قيام المجلس التشريعي بعيداً عن مناورات الحركات المسلحة الساعية للحصول على مواقع ومناصب بدلاً من العمل مع الحكومة الانتقالية لتحقيق السلام على أرض الواقع.
تظل كل القوات غير النظامية التي قامت في عهد الإنقاذ مهددة للسلام المجتمعي ما دامت محتفظة بأسلحتها التي فاجأنا عضو المجلس السيادي للفترة الانتقالية شمس الدين الكباشي بتصريحات خير فيها قوات الدفاع الشعبي والمجاهدين إما الانضمام للقوات المسلحة أو تسليم أسلحتهم للدولة، وكان الامر بيدهم !!.
الامر الثاني المقلق أكثر للمواطنين هو استمرار الأزمة الاقتصادية والضائقة المعيشية وسط تصريحات تخذيلية توحي بعدم وجود برامج متفق عليها – عدا إسقاط البشير – رغم وجود البرامج المتفق عليها في إعلان قوى الحرية والتغيير والتزام الحكومة الانتقالية بالعمل على هديها. بدلاً من تنفيذ برنامج الإسعاف الاقتصادي المتفق عليه مسبقاً ظلت السياسات الاقتصادية السابقة القديمة المجربة التي فشلت طوال عهد الإنقاذ، وعلى رأسها المعالجات الامنية التي لم تجدي في معالجة أسباب إرتفاع الأسعار وتصاعد قيمة الدولار مقابل الجنيه السوداني.
رئيس لجنة الطوارئ الاقتصادية محمد حمدان دقلو “حميدتي” أعلن قبل أيام حربه على الدولار، كأنه يقود معركة عسكرية، بل تجاوز تصريحاته العنترية حدود اختصاصات الموسعة “بالقوة” وهو يقول: حنمشي مع الشعب إلى النهاية، والديمقراطية دي نحن اللابسين كاكي ديل حنجيبها “ضر كده” ونفنشها كده ونحكها لنهايتها عبر الصناديق !! حسب ما أوردته وكالة السودان للأنباء.
مع تأكيدنا لحق المواطنين في التظاهر للضغط على الحكومة حتى تسرع في تحقيق أهداف ثورة ديسمبر الشعبية لابد من اليقظة والحذر من استمرار التفلتات الامنية المتحدية لكل مبادئ وقواعد الديمقراطية وكل مؤسسات الدولة بما فيها القوات المسلحة المجني عليها مع سبق الإصرار والترصد.
نحن بالطبع لا نحرض القوات المسلحة على الانقلاب – حاشا لله – لكننا نذكرها فقط بأنها مسؤولة امام الله والشعب عن حماية أمن وسلام الوطن والمواطنين، وتأكيد انحيازها للإرادة الشعبية عملياً، وحماية مستحقات الديمقراطية واستحقاقات السلام والعدالة والحياة الحرة الكريمة للمواطنين.