منذ أن طفحت بعض مظاهر العنصرية على سطح بعض المجتمعات، خاصة تلك التي قامت على نسيج مجتمعي متعدد الثقافات والأعراق، ظللنا ننبه إلى مخاطر هذه الردة الإنسانية على وحدة وتماسك النسيج المجتمعي.
قلنا أكثر من مرة أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، لكن ظلت القوى المعادية السلام والتعايش الإيجابي بين الناس كافة تنسب الجرائم الإرهابية لدين معين، وللأسف بمساندة بعض مدعي الانتساب لهذا الدين الذين يتبرعون بتبني هذه الجرائم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
عندما ربطت بعض الأصوات بين جرائم عصابات الشباب بإثنية معينة نبهنا إلى خطأ تعميم هذه الأحكام؛ لأن الجريمة أيضاً لا وطن لها ولا دين، وهي ظاهرة اجتماعية سالبة موجودة في كل المجتمعات وسط كل الإثنيات. ا
لجريمة اللاإنسانية البشعة التي ارتكبها الشرطي الأمريكي في مواجهة مواطن أمريكي من أصول أفريقية تسببت في تأجيج غضب الشعب الأمريكي بكل ألوان طيفهن وكل شعوب العالم المحبة للسلام، وللأسف استغلها البعض لممارسة بعض حالات التخريب والسلب والنهب كما استغلها البعض الاخر للترويج للعنصرية في رد فعل سلبي لا يخدم لقضية محاصرة العنصرية قضية، بل يهدد وحدة وتماسك النسيج المجتمعي المتعدد الثقافات والأعراق.
لقد تجاوز العالم زمن العنصرية البغيضة بعد سنوات من النضال والصمود حتى استرد المواطنون كامل حقوقهم المتساوية العادلة، وأصبحنا نلمس عملياً سيادة المبادئ والقيم والممارسات الإنسانية، وإن ظلت بعض بؤر العنصرية ومخلفاتها موجودة وتحرض على كراهية الآخر وممارسة العنف ضده.
شهد العالم نماذج حية على انتصار إرادة السلام والحب والخير بين الناس أجمعين وسط حراك مجتمعي طولي وعرضي تتداخل فيه الأعراق، وتتعايش الثقافات المختلفة؛ حتى أصبحنا نتطلع بأمل ويقين بقرب قيام دولة المواطنة العالمية.
هذا يلقي على عاتق قادة الرأي العام وقادة المجتمعات المحلية والإقليمية والدولية مسؤولية أكبر للعمل على محاصرة كل مظاهر العنصرية بالحب والسلام المجتمعي، وليس بردود الفعل العنصرية التي تؤجج الفتن المجتمعية، وتهدد وحدة وتماسك النسيج المجتمعي الذي أصبح في حاجة ماسة إلى مزيد من التماسك والتعاضد لمواجهة كل أنماط العنف وكراهية الآخر والعنصرية النتنة.