كتبنا كثيراً عن مواقف الشرطة السودانية من مجريات الأحداث الساخنة في السودان ومواقفها السلبية الواضحة للعيان، وأنها غائبة تماماً عن الشارع بشكل متعمد، وكثرت الحوادث المرورية، وكثرت السرقات الليلة والنهارية، وكثر العنف الممنهج في الشارع، وصل الى حد القتل، وسفك الدماء، وفي كل هذه الأحداث تبقى الحقيقة الواحدة المتفق عليها من الجميع أن الشرطة هي الغائب الحاضر عن المشهد.
وإذا أخذنا حادث الكدرو كمثال ومقتل الشاب الصابونابي (رحمة الله)، وبغض النظر عن توجهات القتيل السياسية، فإن حادث قتله بهذه الطريقة البشعة لا يقبله أي عقل أو أي منطق، والأسوأ من كل هذا هذا السكوت المخزي من الشرطة حيال هذا الحادث المأساوي دون إصدار بيان يشفى الصدور لشرح تفاصيل الحادث.
كل الذين تابعوا ( اللايف) من القتيل قبل لحظات من إطلاق الرصاص عليه، شاهدوه هو وبعض الشباب الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وعددهم لا يتجاوز ال 20 شاباً في مظاهرة محدودة جداً، وقد أشعلوا النار في إطار واحد فقط والقتيل كان يتحدث عن إسكان العالقين العائدين من الخارج في إحدى الداخليات في الكدرو، ويعترض على ذلك، ويحمل لجان المقاومة في المنطقة المسؤولية الكاملة، ويهاجم قوى الحرية والتغيير.
الشاهد أن المظاهرة كانت محدودة كما ذكرت، وكلام القتيل أكثر من عادي، وكلامه لا يستحق حتى أن تطلب منه أن يتوقف؛ لأنه كلام وهجوم أكثر من عادي على لجان المقاومة والحكومة وقوى الحرية والتغيير .
فجأة يفتح النار على المتظاهرين من مجهولين وبوابل من الرصاص الحي، ويسقط الصابونابي قتيلاً وسط دهشة الجميع .. الذين كانوا معه والذين كانوا يتابعون ( اللايف). والملاحظ اأ مطلق الرصاص لم يكن شخصاً واحداً، بل عدة أشخاص؛ لأن كثافة الرصاص تؤكد ذلك.
وحتى هذه اللحظة لم أسمع أو أقرأ بياناً من الشرطة لشرح ملابسات هذا الحادث الخطير، وهنا لست بصدد تحميل أي جهة مسؤولية الحادث .. فقط أتحدث عن كيفية حدوثه مهما كانت الجهة المسؤولة في هذا النطاق المحصور، ووسط حي مأهول بالسكان، ووجود الداخليات مسار الشكوى.. على بعد أمتار قليلة من موقع الحادث؟
قمة في الفوضى غير المسبوقة في تاريخ الخرطوم، وتتحمل الشرطة كامل المسؤولية عن الحادث وعن مقتل الصابونابي. هل هناك رسالة تود الشرطة إرسالها للشباب قبيل أيام محدودة من المواكب المعلن عنها في الثلاثين من هذا الشهر ؟!
وهل الشرطة تود القول إنه لو حدثت فوضى في هذه المواكب وأحداث قتل (لا سمح الله)، فإنها سوف لن تتدخل، وستقف في موقف المتفرج أم أنها أيضاً ستشارك في قتل المتظاهرين وبنفس طريقة مقتل هذا الشاب .
إذا كانت هذه رسالتهم فنقول لهم ان رسالتهم وصلت للبريد الخطأ .
شباب الثورة وشباب لجان المقاومة وهي الداعية لهذه المواكب لا يخافون من الرصاص، وسيقابلون رصاصكم بصدورهم العارية، وسيقفلون أي باب من أبواب الفوضى المحتملة في هذه المواكب، وقد خبرتموهم من قبل وتعلمونهم جيدا .
ولن يتوقف شباب الثورة من المطالبة بتطهير جهاز الشرطة؛ لأنهم يعلمون جيداً أن وزير الداخلية لا أمل يرجى منه؛ لأنه مقيد اليدين، ووجوده شرفي لا أكثر ولا أقل . والعلة كل العلة في المدير العام للشرطة الذين يتبعون له، وإقالته وإقالة إدارته مطلب أساسي من مطالب الثوار .. لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى يا مدير عام الشرطة .
حفظ الله السودان من الكورونا ومن مدير عام الشرطة .