يقول من لغتهم في العربية والإنجليزية شَبه إن ماعون العربية ضيق. وإنك متى أردت تعريب كلمة إنجليزية لها، في قولهم، احتجت ل”فكة” كلمات منها. فالإنجليزية دولار والعربية جنيه سوداني يتكاثر ولا يفيد. وهذا قول يجازف به قوم في الطعن في العربية مع أنها لغة أوفت الغاية من الإحاطة في العبارة. فوجدت نفسي أقف يوماً أمام الكلمات الدالة على “النوم” فلم أجد وفرة منها فحسب بل وجدتها تفصل في أوقاته من اليوم.
فمن لغة النوم فيها: الوسن، الرقاد، والرقود، السُبات، الهجوع، والهجود، والهوَّوم والتهويم والتهوم.
ولكن ما أوقفني حقاً عناية اللغة بتسمية أوقات النوم ودرجاته المختلفة.
فالوسن هو أول النوم أو النعاس. والرقاد النوم نهاراُ، والرقود النوم ليلاً لو أردت التخصيص. ويقال إن الهجوع هو نوم الليل أيضاً. ونعرف كيف مجدت شاعرتنا استيقاظ الرجل على طرق ضيف “الهجعة” ليكرمه ويعشيه. ومعلوم لنا نوم القائلة هو “القيلولة” وهي من قال وقائلة وقيلولة ومقيلاً.
ولنا في درجات النوم تفانين. فالهوم وأضرابها في دلالة النوم الخفيف أو أوله. ونقول في النوم القليل “الغِرار” أيضاً.
وفي السُبات لغة عائدة إلى السبت وهو يوم راحة اليهود الذين قالوا إن الخلق تم بين الأحد والجمعة وكف الرب عنه يوم السبت. وتبقت هذه الذاكرة في لغتنا العربية السامية.
ووقفت عند مصطلح “المتهجد” قائم الليل في عبادة الله. وهي، للمفارقة من “الهجود” وهو النوم. وقيل تهجد أي نفى النوم عن نفسه زلفى.
وطالما كنا بصدد النوم يقال عندنا “نامت السوق” وهي من مصطلح العرب في خمولها. ونقول “ما عندو أبو النوم”. وقال شوقي بدري إنها مما يقال للمفلس. ويعنون ب”النوم” هنا “الوقش” الذي يكون في آخر الجيب من خيوط ومتبقيات مما كان فيه من قبل. والوقش لغة “صغار الحطب الذي تشعل النار به”.
وقوموا إلى غيرتكم للغتكم يرحمكم الله.
IbrahimA@missouri.edu