حرصت الاربعاء رغم ظروف الحظر وصعوبة التنقل داخل العاصمة الخرطوم، علي تلبية دعوة وزارة المالية لحضور اللقاء الصحفي الذي تحدث فيه وزير المالية الدكتور إبراهيم البدوي بشفافية واضحة، واضعا النقاط علي الحروف دون مواربة علي عدد من القضايا الاقتصادية التي تحوز علي اهتمام الرأي العام.
وللمفارقة رغم الأزمات التي تحيط بالحكومة الانتقالية إحاطة السوار بالمعصم وتكاد أن تعصف بها، الا ان الوزير بدأ هادئا وواثقا من إمكانية عبور المرحلة الحالية نحو اقتصاد معاف من تشوهات كادت أن تصل به الي مرحلة الانهيار الكامل خلال العهد البائد.
ومن حديثه وضح أن الوزارة تعي جيدا ماذا تريد وكيف تتمكن من تحقيق أهدافها، وعلي عكس الانطباع الذي سعي فلول النظام البائد لترسيخه لدمغ الحكومة بالفشل فإن الوزير بدأ مرتبا وهو يتناول كل القضايا الاقتصادية بعمق ودراية تامة وأظهر معرفة كاملة بالمعاناة التي يتكبدها المواطن في معاشه ومع الخدمات.
من سرده الدقيق استشفينا أن مؤتمر أصدقاء وشركاء السودان غدا الخميس سيمثل نقطة فارقة في مسار الثورة بل من شأنه أن يكون رافعتها التي تسهم في اختصار المسافات لتحقيق اهدافعا، وذلك استنادا علي المشاركة رفيعة المستوي المتوقعة من قبل خمسين دولة وجهة اقتصادية عالمية، بل إن مدير البنك الدولي سيكون من المتحدثين الأساسيين بجانب مدير صندوق النقد الدولي وغيرهما من مدراء مؤسسات اقتصادية مؤثرة.
ودعم هذا المؤتمر سيذهب ناحية إنعاش الموازنة التي تتهددها الكثير من المصاعب أبرزها بطبيعة الحال ضعف الايرادات وارتفاع معدل التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية وشح النقد الأجنبي، كما يذهب جزء من الدعم الدولي المتوقع الي تنفيذ عدد من برامج الحكومة ومنها الدعم المباشر للأسر الذي يستهدف 80% من الأسر السودانية.
ومن القضايا الهامة التي أشار إليها الدكتور البدوي تلك المتعلقة برفع الدعم، فقد وضح من حديثه أن الدولة ماضية في طريق تنفيذ روشتة البنك الدولي المتعلقة برفع الدعم عن الوقود لتوجيهه الي مستحقيه من الأسر محدودة الدخل، مع تأكيد الوزير الإبقاء علي دعم غاز الطبخ والدقيق، وهي خطوة يعتبرها الكثير من الاختصاصيين ذات أهمية قصوي لتعافي الاقتصاد.
ورغم انخفاض قيمة الجنيه السوداني الا ان الوزير بدأ مطمئن وواثقا من استعادته عافيته قريبا، وهنا فإنه لم يشر الي تحرير سعر الصرف بيد أن انه يعتقد بأن السعر الرسمي يبدو غير مغريا للمغتربين لتحويل ثلاث مليار دولار من دخلهم السنوي الي البلاد،ويعتقد البدوي أن المرحلة القادمة ستشهد حدوث انتعاش اقتصادي وتدفق للنقد الأجنبي وان هذا من شأنه أحداث تحسن نسبي يسهم في كبح جماح التضخم وارتفاع سعر النقد الأجنبي.
الوزير أكد علي أن الحكومة ورثت اقتصادا منهارا يعاني الكثير من الاختلالات التي فرضت عليهم إجراء عملية جراحية مؤلمة يدركوا جيدا وقعها القاسي علي المواطن، الا انها تعتبر المخرج الوحيد في ظل ضعف واردات السودان والتي حتي تصل مرحلة الإسهام بفعالية في الناتج القومي فإنها تحتاج الي مقومات لايمكن أن تتوفر دون إجراء معالجة علي الاقتصاد الكلي.
بصفة عامة يمكن القول إن خطط وزارة المالية التي تنظر إلي المستقبل بعين ثاقبة تبدو مبشرة بغد أفضل، بيد أنها ومن أجل ان تتنزل علي ارض الواقع بكل سلاسة لابد من إحاطة المواطن علما بتفاصيلها رغم ان قطف ثمارها لا يحتاج الي وقت طويل ولكن ليعلم أن صبره حتي سيعقبه الفرج.