لا شك في ان الخبير الدولي الاخ التجاني الطيب ابراهيم وهو زميل سابق في البنك الدولي وعمل بعد ذلك في صندوق النقد يعلم جيدًا ان الوضع الاقتصادي العالمي المتردي والصعوبات المالية آلتي تعاني منها جميع الدول صغيرها وكبيرها نتيجة لانتشار مرض الكورونا. فعليه فان انعقاد مؤتمر للمانحين في هذه الظروف الصعبة في حد ذاته انجاز كبير وان تحضره اكثر من خمسين دولة وكل مؤسسات تمويل التنمية المعنية علي مستوي الرؤساء انجاز غير مسبوق.
نأتي اولا لمشاركة البنك الدولي وصندوق النقد وكانت علي مستوي الرؤساء وهو امر غير عادي فمثل هذه الموتمرات يرسل اليها الاقتصادي المعني بالبلد او نائب الرئيس للمنطقة الجغرافية التي يقع فيها البلد علي احسن تقدير. ودعنا نتذكر ان نظام البنك لا يسمح له بمساعدة السودان نتيجة لمتاخرات سداد الديون اضافة الي وجود السودان في قائمة الدول الراعية للارهاب ونفس الشيء ينطبق علي الصندوق.
لذلك فقد كان من المدهش ان يبادر البنك بالبحث عن وسائل غير تقليدية ويفكر خارج الصندوق لمساعدة السودان فبادر بانشاء وادارة صندوق متعدد الاطراف multidoner trust fund لتمويل برنامج السودان لمساعدة الاسر الفقيرة والمساهمة فيه بمنحه بمبلغ ٤٠٠ مليون دولار بالاضافة الي مبلغ ٣٥ مليون لمحاربة Covid-19. كما سيسعي البنك لمساعدة السودان لايجاد حلول لمشكلة الديون الخارجية والذي سوف يفتح الباب لتدفق المساعدات الإنمائية من البنك وموسسات تمويل التنميه الاخرى.
اما بالنسبة للصندوق فيكفي انه قد عقد اتفاقًا مبدئيًا لبرنامج للإصلاح الاقتصادي وان مديرة الصندوق لم تر ان هناك اشكال في استفادة السودان من مبادرة معالجة الديون للدول النامية عالية المديونية ( hipc) متي ما رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب.
وفي ختام هذا الجزء فالخبير الدولي اول من يعلم ان اللجوء للصندوق والبنك لا مفر منه لإي دولة ناميه تحاول الخروج من التردي الاقتصادي فبدون شهادة حسن سير وسلوك منهما لن تاتي المساعدات من الخارج وتتدفق الاستثمارات الخاصه ويتاهل السودان للاستدانة من الأسواق المالية الدولية. ولنا في تجربة فيتنام ومصر القريبة اسوة حسنة.
اما بالنسبة لمساهمات الدول فعلي الرغم من اننا لم نستغرب مساهمات السوق الاروبية والمانيا وبريطانيا بمبالغ مقدرة فمن منا كان يتوقع ان تسهم الولايات المتحدة ب ٣٥٠ مليون وأسبانيا المنكوبة بمبلغ ٣ مليون يورو وتعفى ديون بمبلغ ٧٤ يورو. والاهم من ذلك كله الدعم المعنوي من دول لا تملك مالًا مثل اليونان او تلك التي لا مصالح لها في السودان مثل استونيا.
اما قول الدكتور انه كان الاجدي بالحكومة ان تقدم وثيقة تفصيلية بالوضع الاقتصادي واحتياجات السودان للمساعدة فهو اتهام لا يقوم علي دليل ولا يعقل ان تدعو الحكومة كل هذا الجمع ولا تخبرهم بما تريد، وحتي اذا افترضنا انها لم تفعل فالكل يعلم ان الاتحاد الاوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد وبقية المنظمات يعرفون الوضع الاقتصادي في السودان في ادق تفاصيله.
اما القول بان الاعلان عن محفظة وطنيةتجارية لتمويل استيراد السلع الاستراتيجية يمكن ان يعطي الانطباع بان السودان غني بموارده الذاتية قول لا يسنده منطق، بل بالعكس فهو يكشف عن اجتهاد الحكومه لايجاد حلول غير تقليدية لحشد الموارد من جميع قطاعات الآقتصاد لحل احدي مشاكل الاقتصاد الاساسية.
أخيرا الادعاء بان تنظيم المؤتمر كان سيئا يدحضه اجماع كل المعلقين إن التنظيم كان ممتازًا فقد نجحت السيدة زينب البدوي بما لها من خبرة واسعه وبما تحظي به من احترام وسمعة طيبة في مجال عملها في ادارة الحوار بمهارة مكنتها من ضبط الوقت والوصول بالمؤتمر الي النهاية المرجوة.
وختاما رغم النجاح الواضح للمؤتمر والذي لا تخطئه عين منصفة فاني اتفق مع الدكتور بان الدعم الخارجي وإن توفر بالقدر المرجو لا يغني عن وجود برنامج وطني للتنمية الاقتصادية يعتمد في الأساس علي مقدرات وموارد البلد.
ونسأل المولى عز وجل التوفيق والسداد لنا جميعا.
مع اطيب التحايا
بتري، 27-6- 2020