لإنزال شعارات الثورة على أرض الواقع، السودان في حاجة الى مليونية يخرج فيها كل الشعب السوداني لنظافة البلد، للتخلص من كل ملوثات البيئة من بلاستك وغيرها من المخلفات الضارة لإصحاح البيئة والتخلص من النفايات المتراكمة في أزقة المدن وأطراف القرى و الفرقان، لو إلتقط كل فرد عشرة أكياس بلاستك من الشارع، نكون قد تخلصنا من 400 مليون كيس وحرق مكبات النفيات المتراكمة سيحدث فارقا هاما، ثم العمل على ميثاق شرف وطني في كيفية التخلص من النفايات بأسلوب يتماشى والأساليب الصديقة للبيئة وللحفاظ على البلد نظيفا طيبا.
على سكان كل قرية وفريق وسكان كل حي عشوائي أن يتقدموا لمحلياتهم مطالبين بالتخطيط الهندسي لقراهم ولعشوائياتهم. لا بد من المبادرة لتغير الواقع بأساليب حديثة مبتكرة، لن تتبدل الأحوال بالتمني، يجب أن لا نقبل بعد اليوم، العيش في قري أزقتها متعرجة كالمتاهات، يجب أن تكون قرانا مخططة تخطيطا هندسيا، وبمسحات إبداعية، بجماليات مبتكرة، تسهل حركة المرور بين أطراف القرية في سهولة ويسر، وتجعل قرانا جميلة، وكذلك تسمح بسولة تنقل سيارات الإسعاف، وخدمات المطافيء وناقلات النفايات، وغيرها. يجب على المكاتب الفنية بالمحليات أن تكون متجاوبة مع رغبة المواطنين، وتطلعاتهم في تنظيم مساكنهم بشكل جميل، وبصورة حضارية.
عملية التحوَل الإجتماعي، عمل يقوم به الجمهور لنفسة بتلقي دعومات فنية من القدرات العلمية المتوفرة لدى السلطات المحلية، وكذلك من بين أفراد المجتمع الذين لهم معرفة علمية في مجال من مجالات العمل التنموي المطلوب لمجتمعاتنا الريفية.
مسألة التغيير لا يمكن أن تتم دون أن يسعى المواطن العادي إلى العمل نحو تغيير واقعه، مستعينا بالخبرات، والقدرات المعرفية التي تتيحها السلطة المحلية، في البلد أو المنطقة المعنية.
على سكان أية منطقة حسب طبيعة المهن التي يزاولونها، عليهم التقدم للسلطات المحلية، بطلبات يطلبون فيها تقديم العون الفني لهم، لترقية أدائهم المهني حسب النشاط الإقتصادي للمواطنين. لا يمكن إحداث أية طفرة إقتصادية، دون المراجعة العلمية لأدوات الإنتاج لدى المواطنين لضمان الإستفادة القصوى للجهد المبذول في عملية الإنتاج. كالمحاريث المستخدمة في الزراعة، بالنسبة للمزارعين ومدى تناسبها مع نوعية التربة، ونوع المحصول، وكذلك مراجعة أدوات الحصاد، وضرورة تحديثها، أقول هذا لأني أعلم أن المزارع السوداني في بعض الأماكن، يستخدم أدوات زراعية تستخدم منذ عهد الفراعنة، رغم المساهمات الكبيرة في بعض الدول، وإنتاجها أدوات زراعية صغيرة للإستخدام اليدوي، تساعد المزارع في زيادة منتوجه بجهد قليل، وفي زمن وجيز، ومحصول وفير، وبتقنيات بسيطة سهلة الإستخدام للعامل البسيط، وكذلك يجب مراجعة نوعية البذور, ومخصبات التربة, وغيرها من الحزم التي يريدها الإنسان في ريفنا السوداني من إرشاد زراعي وخلافه. فمراجعة اساليب الحصاد، وطرق تخزين المحصول، وحمايته من الآفات. وكذلك تدريب المزارع على عمليات المعالجة لمنتوجه، مثل تجفيف البصل، والمناجو، بطرق صحية وإدخال الصناعات الخفية في تعليب الفاكهة وصناعة الصلصة، والصناعات التحويلية المختلفة، والوقوف الى جانبه في تسويق المحاصيل، وجدوى الأسعار، كلها مسائل يجب أن لا تترك للمزارع الريفي البسيط، بل يجب على الفنيين بالمحلية التدخل، للأخذ بيده ولتحقيق أفضل عائد له، وتحصيل حق الدولة منه.
يجب على السلطة المحلية، وأقصد السلطات البيطرية، مراجعة نوعية سعية الرعاة، والتأكد من أنها المناسبة للمنطقة، بجانب السعي لتحديث السلالات بأجود الأنواع، أو حتى تهجينها لتحسين الأنسال، ومساعدة الرعاة، في كيفية التعامل إقتصاديا مع المنتجات الرعوية، من الأنعام، واللحوم، والألبان، وتقديم المقترحات بأماكن إنشاء الصناعات التحويلية البسيطة، كصناعة الأجبان، ومعالجة الجلود، وأفضل الاساليب للتعامل مع اللحوم، أو ترحيل الأنعام. ثم على السلطات المحلية، متمثلة في هيئة المياه الريفية، دراسة أفضل الطرق في حصاد المياه، وفقا للموارد المتاحة، في هذا الجانب. ولا بد أن تكون هذه التدخلات وفقا للحاجة الفعلية للمستفيدين، في المنطقة المحددة، لتجيء تدخلات السلطة، مستجيبة لحاجات الناس في التنمية، والتطور، وتبصيرهم بآفاق التنمية، وإمكانياتها في تلك الأنحاء.
لقد آن الأوان، وجاء الوقت للقيام بعمل مزارع توضيحية وتجريبية، في كافة الجهات، لتقديم أنواع جديدة من المحاصيل الزراعية ذات المزايا التفضيلية، من جوانب الوفرة الإنتاجية، ومواءمة البيئية، وغيرها وكذلك السلالات الحيوانية الجيدة، وذات الجدوى الإقتصادية، وتبصير المواطن السوداني، بميدان معركته الحقيقية الذي هو في البناء، والتعمير، والتنافس مع الشعوب، والأمم المتقدمة بعيدا من صراعاته البينية، وحروباته القبلية التي لا تنم إلا عن عدم معرفته بقضيته الأساسية. وربطه برسالته في الحياة، يجب علينا حكومة وشعبا أن ننظر إلى سودان الغد ويجب علينا جميعا أن نقَرب الصورة أكثر، حتى نتمكن جميعا من رؤية سودان الغد كيف يبدو، حتى تحفذنا الصورة ليجتهد كل من موقعه ينشد الوصول إلى هناك.
وقس على ما قلناه في الزراعة والرعي، على كل قطاعات العمل الإقتصادي والصناعي والثقافي والصحي وكل ما من شأنه الدفع بعجلة التقدم للأمام، وتحقيق الرفاه للمواطن، ومساعدة الإنسانية في بلوغ غاياتها، ولابد أن تكون لحياة أي منا غاية تضفي لوجوده قيمة ولبقائه معنى.
بقي أن ننوه لأمر مهم ألا وهو موضوع ضبط الجودة. فعالم اليوم يضع قضية الجودة في أعلى أولوياته حتى يأتي أو يخرج ما نؤديه من عمل في أكمل وجه، وهذا ما قصده الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، حيث قال “إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه أو فليتمه” وهذا هو سر جودة المنتجات اليابانية حيث لدى اليبان ضبط الجودة مقدم على أي بلد آخر. وهذا أيضا هو مسألة الإخلاص التي تحدثنا عنها كثير فالعمل الذي روعي فية إخلاص النية يأتي كاملا غير منقوص، فلنهتم بضبط جودة ما نقوم به من عمل حتى يخرج الناتج مستوف للشروط، مبرئا للزمة. وفوق هذا وذاك لا بد من المبادرة بعمل الأشياء على الأرض، فنحن لا نقول للأشياء كن لتكون ولكن بالعمل والعمل الجاد والمخلص نحقق الأهداف.
والله الموفق.
أحمد مدني
الخرطوم 10 يوليو 2020م
Yagouba55@yahoo.com