بعد استقالة الوزراء الستة وإقالة السابع لا نعرف بعد هل هناك مزيد من الاقالات ام أغلق هذا الباب ، وهذا لا يهم بقدر ما يهم أن تستفيد الحكومة الانتقالية من تجربة الوزراء الماضية، التجربة التي أوضحت عيوب كثيرة في عملية ترشيح واعتماد وتقييم الوزراء كان يمكن تلافيها منذ الأول، وأولها تلافي توزير أصحاب الخلفيات الحزبية المعروفة، حتى لا يستخدمون الوزارة وسيلة لتمكين حزبهم وجماعتهم وشلتهم ، كذلك تلافي أزمة الهجوم على الوزير من بعض قوى الحرية والتغيير من منطلق حزبي وليس من منطلق موضوعي، كذلك تلافي تعيين وزراء لا يجيدون فن التواصل مع الجماهير .
هذه الثورة ضحى فيها شباب عزيز بارواحهم من أجل قيم عليا واضحة أهمها الشفافية والتجرد والإخلاص في العمل العام ، هذه القيم هي اقل ما نطلبه من اي وزير جديد ، ان يخاف الله في هذا الشعب ، ان لا يخدعه بالظهور الإعلامي بينما هو لا يفعل اي شيء في وزارته ، ان لا يختفي عن الإعلام ولا يعلم الشعب عنه شيئا وآلاف الأسئلة تدور في ذهنه حول أداء الوزير ووزارته. مطلوب في الوزارة القادمة العمل على زيادة قنوات التواصل بين الوزراء والجماهير من أجل إيصال صوت الجماهير للوزراء ، ومن أجل إطلاع الجماهير على ما تقوم به الوزارات من أجل خدمة الوطن والشعب .
مطلوب ان تتعامل الجماهير بوعي راكز مع الوزراء الجدد ، لا للقداسة لا للتطبيل الاعمي للوزراء ، الوزير مجرد مواطن مكلف بمهمة اذا نجح فيها فهو قد قام بعمله فقط ولا يستحق على عمله إلا مرتبه وبنهاية التكليف يشكر على ما قدم ، اما قروبات الدعم والتطبيل للوزراء ، ومسيرات الاحتفاء بهم وصياغة الهتافات لاشخاصهم فهذه أساليب لا معنى لها ولا تفرخ سوى طغاة جدد وقطيع جديد ، الجماهير لا تحب ولا تقدس وزيرا، الجماهير تراقب من يتصدرون للعمل العام ، تنتقدهم عند التقصير في أداء واجبهم وتحرمهم لذة الشعور بأنهم متميزين او فوق بقية الشعب .
كل ابناء هذا السودان واحد ، لا تمييز بين شخص وآخر ، لا فضل بينهم بناءا على الدين او العرق أو اللون ، جميعهم سواسية في المواطنة، جميعهم يستحقون كل وظيفة عامة من الغفير إلى الوزير ، جميعهم يستحقون أن تكون هناك معايير معلنة عن كل وظيفة عامة يتم التوظيف إليها امام الكل . في ظل الديمقراطية الرئيس والوزراء يأتون عن طريق الانتخابات ، يختارهم الشعب صاحب السلطة العليا، ولكن ماذا عن الفترة الانتقالية ؟ حيث لا توجد انتخابات ؟ الوثيقة الدستورية أعطت الحق لقوى الحرية والتغيير في ترشيح الوزراء ، ولكن هل أعلنت قوى الحرية والتغيير معاييرها لترشيح الوزراء ؟ لماذا تخفي قحت عن الجماهير أسس اختيارها للوزراء؟ الا يستحق هذا الشعب الذي ضحى وقاد المواكب ان يعلم كيف يتم اختيار وزراءه ؟ وعلى اي اساس ؟
نفس الأمر ينطبق على الولاة وعلى أعضاء المجلس التشريعي ، ماهي المعايير وماهي الأساليب والطرق التي يتم بها اختيار وتعيين هؤلاء؟ اطلعوا على الجماهير وأخبروها بالمعايير المطلوبة للوزراء، دعوها تشارك في وضع هذه المعايير وتشارك في الاختيار لكي تتحمل معكم المسؤلية، من الأفضل أن يتم نقل اجتماعات المجلس المركزي لقحت للتداول حول معايير اختيار الوزراء وطرق ترشيحهم على الهواء مباشرة حتى يشاهدها جميع الشعب ويرى كيف يقود هؤلاء هذه العملية ، حتى يكون الشعب شهيدا على أن الترشيح تم بناءا على معايير منضبطة لا على محاصصات ولا شلليات ولا طرق ملتوية .
لا نريد ان نكرر تجربة الوزارة الماضية ، نتطلع الى أسس جديدة عبرها يتم الوصول الى وزراء على قدر الثورة ، وزراء قادرين على العمل والإنجاز، رئيس الوزراء وقوى الحرية و التغيير عليهم ان يتوافقوا هذه المرة بطريقة علنية امام الشعب على طريقة اختيار الوزراء والولاة وعضوية المجلس التشريعي ، عليهم أن يشركوا الشعب وان يتعاملوا معه بالشفافية المطلوبة قبل أن يخرج عليهم هذا الشعب ويجعل عاليها سافلها .
sondy25@gmail.com