تشبثوا ما استطعتم بنغمة (الغلاء) فعلى الأقل سيوافقكم الجميع عليها، رغم أن نظامكم المخلوع هو من بذر بذرة الاقتصاد المنزلق، وذلك أمر لا يلتبس على ذوي الألباب إن كنتم تعلمون.
لكن رجاءنا يا معاشر (الإنقاذيين) أن تبعدوا عن دس أنوفكم فيما يجري داخل البيت الثوري، ولا شأن لكم بتغيير وزاري أو إصلاح هياكل أو إعفاء وزير أو استقالة آخر، فقد انتهى عهدكم ودوركم، وجاء دور الثورة وحدها لتتفق وتختلف وتخطئ وتتعلم وتحاسِب وتحاسَب دون وصاية منكم عليها..
عليكم أن تتصفوا بشعبة الحياء وتتركوا بقية الأكاذيب، فوالله إنها خصم عليكم وعلى كل الحالمين بعودة الإنقاذ.
أشعتم أخبار الانقلابات، وبشرتم بعضكم بعضا بأن ساعة الصفر تطرق الأبواب، كان ذلك منذ عدة أشهر، فما باء جمعكم إلا بخيبة ما أشعتم.
قلتم إن جنود الأمم المتحدة سيأتون مدججين بالسلاح لاحتلال السودان، وارتفعت عقيرتكم أن حيّ على الكفاح، وصممتم آذانكم عن أنها بعثة سياسية ستعمل تحت توجيه الحكومة لاستقطاب الدعم الأممي الذي تتطلبه استحقاقات السلام والانتقال الديمقراطي، فسكتم بعدها وأعينكم شاردة إلى كذبة جديدة.
قبلها قلتم إن كورونا خديعة سياسية مقصود بها لجم الشارع عن التظاهر، بل وخرجت بعض مواكبكم الزاحفة تهتف (مافي كورونا .. ما تغشونا) .. فلما حدث الانتشار المجتمعي للفيروس خرست ألسنتكم!
تحدثتم عن تمديد الحظر، فرفضتموه وقلتم إن السلطات تخشى نزول الناس للشوارع، بل أشعتم بالأمس القريب بأن الحظر سيمتد لنهاية الفترة الانتقالية لأن السلطات ترتعد منكم (!!) وكانت تلك سقطة تدل على خبال وقلة عقل .. وما أكثر ما يتمتع به البعض من هذه الابتلاءات !
ظل حالمو الإنقاذ والمنتفعون منها طوال فترة كورونا يتوعدون بمليونيات مزعومة، بل ونزلوا بالفعل بأحجامهم الحقيقية وانتشرت مقاطعهم المصورة التي هتف فيها بعضهم : (الليلة ما بنرجع .. إلا البشير يرجع) .. ورفعوا النداءات العاجلة للناس بأن تلحق بهم لأن النظام سيسقط، فما استطاعوا مضيّأ وخسئ كذبهم ومسعاهم.
حتى قاصمة الظهر لم يستفيدوا من دروسها، فقد رموا بكل ثقلهم وراء ذكرى ٣٠ يونيو، واعتبروه يوم عودتهم الظافرة بإسناد شعبي وانحياز من القوات النظامية، وأعدوا عدتهم في وقت مبكر بالتحشيد المتشنج والمعلومات الكذوبة، فجاءت مليونيات ٣٠ يونيو لتعبر عن كل شيء مكنوز في ضمير الثورة والثوار، ولم يكن في كل ذلك المكنوز ذرة من أحلامهم البائسة في هدم سلطة الفترة الانتقالية .
نصيحة غالية نمحضها لدعاة العودة بالعجلة إلى الوراء، لا تهدروا وقتكم في الخيالات المستحيلة، واتركوا ما يجري داخل البيت الثوري للثوار وحدهم، فهم أهل الجلد والرأس، ودعوا عنكم أساليب الخداع والكذب التي بدأ بها المخلوع عهده البائد، واعملوا على التبرؤ مما اقترفته أيدي الإنقاذ الآثمة والتوبة النصوحة عن أي تآمر أو فساد أو إجرام تم تحت أعينكم دون أن يجهر جاهر منكم بأن يقول (لا).
وبعد ذلك لا بأس أن تمارسوا المعارضة (النظيفة)، فلن يسلبكم أحد هذا الحق، وتشبثوا بأصابعكم العشر في نغمة الغلاء، فهي، على أي حال، مقبولة، وسيرتضيها الشارع منكم، لكن تذكروا فقط أنه شارع جامح للإصلاح، وليس متطلعا للإسقاط كما تتوهمون.
اعملوا بالنصيحة .. وعندها قد يقبلكم الشارع بعد إعمال القوانين وتنفيذ العدالة .. وتلك هي الفرصة الوحيدة التي ربما تتاح لكم لو شاءت قوى الثورة إتاحتها.