الخروقات الدستورية على أساس الوثيقة تستمر وفق عناوين متعددة، ومنها المحاصصة الحزبية في المرحلة الانتقالية، ولكن التراجع عن تمثيل نسبة النساء في الجهاز التنفيذي ومستوياته أمر يشق على النفس، و يجب ألا يمرّ مرور الكرام، أو يقابل بالصمت من المجتمعات النسائية، ووالرجالية المستنيرة المدركة دورهن الخاص في إشعال الثورة والدفع بها عبر منعطفاتها وتعقيداتها الماثلة.
فمساهمة النساء في الثورة لا يمكن إنكارها ولا يجب لحكومة الثورة غض الطرف عنها. لقد كان السيد رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك أشد المتحمسين لتمثيل المراة بنسبة معلومة، مصرحاً بذلك عدداً من المرات للأجهزة الإعلامية، ومخاطبا الشعب في هذا الخصوص.
الآن نسمع عن تراجع يتم عن تعيين النساء ليكن واليات، وهو ما كان تحديداً قد بشر به، وذهبت العيون والمسامع بنحو خاص لولاية الخرطوم التي انتظر الناس تعيين امراة لها.
الان وعبر السيد وزير الثقافة والاعلام فيصل محمد صالح يخرج تصريح يوفر معلومات عن امتناع قوة سياسية موثرة عن ذلك، و بما يعني عدم وجود مقاومة كافية تقابلها من قبل بقية الاحزاب والقوى المدنية.
هذا الأمر إذا صح، فان المأزق وبلا ادنى شك سوف يشير إلى الذهنية السياسية الذكورية التي تستأثر بإدارة الشان السياسي وقرارته المؤثرة في الحياة السياسية منذ الاستقلال، وتنتهك بالتالي حقوق النساء في المشاركة بالشأن العام وتقديم خدماتها الوطنية المهنية الدقيقة.
إن ذلك التصريح وبقراءة ما تحت سطوره يلفت نظر الجميع بالضرورة بالانتباه وعدم قبول الخروقات، ونقض العهود. فالتوافق والتواضع على الاتفاقات والعهود يعدّ صمام الأمان للسلطة الانتقالية ولانسجام مكوناتها وحسن مصداقيتها فيما تقول.
ننتظر يقظة عاجلة من الجميع ، وإعادة نظر، ونقد تواجه به نفسها قوى اعلام الحرية في التمسك بمواقفها وتنفيذ وعودها التي ضربتها للنساء صاحبات النصيب الأعلى من المساهمة بالمقاومة وبالتضحيات في ثورة ديسمبر المجيدة.
نتوقع بكل الحواس مغادرة كافة القوى الممتنعة صراحة وضمناً لمواقفها المعيبة من حق اصيل من حقوق المراة التي تقر به كافة الدساتير والقوانين المعاصرة.
تولي المراة ولاية الولايات اعتراف تستحقه المراة من السلطة الانتقالية كقرار لعبت الصورة دوراً دافعياً في ابرازه وجعله ممكناً كأم للشهداء، واخت لهم، وصانعة للأحداث، على النحو الذي شهد به الجميع.
تعيين النساء يتوجب الا يقف فقط عند ولاية الولايات، بل لإدارة المجلس التشريعي المركزي والمجالس الولائية تتويجاً كذلك لنضال طويل وتجربة عميقة من التضحيات قدمتها المراة السودانية.
ليس من الغريب او الجديد ان تنال المراة السودانية ذلك المنصبـ فقد نالت مبكراً عضوية أول امراة برلمانية بالعالم العربي والافريقي ممثلة في الراحلة فاطمة أحمد ابراهيم، كما احرزت اخريات التقدير المماثل في وظائف ومسؤوليات اخرى.
ما رشح وتسرب يشى بوقوع انتكاسة في الوعى السياسي القائد، وبتراجع نوعي في القيم الحضارية، والنظرة الى قدرات وإمكانيات المراة في إدارة المهام والمسؤوليات المعقدة التي نجد أن المرأة أهل لها، وقادرة على تحقيقها دون أدنى شك او تشكيك.
عاش نضال المراة السودانية لنيل المزيد من الحقوق، واكتساب المشاركة النوعية في الحياة السياسية بالسودان.