كتبت أكثر من مرة موضحاً أنني لست من أنصار المفاوضات التي تجري بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة التي عرقلت عملية تحقيق السلام على أرض الواقع ووسط المواطنين.
عبرت عن رأيي هذا منذ المفاوضات التي جرت بين حكومة النظام السابق والحركة الشعبية بقيادة ربانها الراحل المقيم الدكتور جون قرنق، وقلت وقتها إن الحوار مع قرنق وحده لا يكفي، ورأينا كيف أن ذلك تسبب حتى بعد اتفاق نيفاشا ومشاركة الحركة الشعبية في الحكم لانحياز أهل الجنوب لخيار الانفصال.
ليس المجال الآن للحديث عن تجربة مشاركة الحركة الشعبية في حكم النظام السابق لكنها تجربة تستحق الدراسة والتقويم خصوصاً مع استمرار بعض الضغوط التي تمارسها بعض الحركات المسلحة للحصول على مطالب خاصة بها، بدلاً من المساعدة على التعجيل بتحقيق السلام على أرض الوقع.
بغض النظر عن نتائج المفاوضات المتعثرة بين الحكومة والحركات المسلحة بسبب خلافاتها فيما بينها وفيما بينها وبين الحكومة، فإننا نرى أن تستمر الحكومة الانتقالية في دفع استحقاقات السلام الشامل العادل عملياً وعلى أرض الوقع.
كذلك نرى ضرورة عودة كل الحركات المسلحة إلى الداخل، والمساهمة الفاعلة في عملية تحقيق السلام وسط المواطنين المتضررين، والانخراط في الحراك السياسي سواء بتأسيس حزب او أحزاب، أو الانضمام للأحزاب القائمة وفق نهجها وخطها السياسي، والاستعداد لخوض الانتخابات عقب انقضاء الفترة الانتقالية.
هذا يقودنا إلى المهمة الأهم التي مازالت مجمدة، وهي عملية إعادة هيكلة القوات المسلحة، وكل القوات النظامية الأخرى لاسترداد استقلال وقومية هذه القوات كل في مجال واجبها المهني بعيداً عن الاستغلال السياسي الحزبي.
نأمل أن تكون الحكومة الانتقالية قد حسمت أمر تعيين الولاة المدنيين على أسس مهنية وإدارية بعيداً عن المحاصصة، ونرى ضرورة الإسراع في استكمال مؤسسات الحكم خاصة تشكيل المجلس التشريعي الاتحادي والمجالس الإقليمية وتنفيذ مقترح العودة للنظام الإقليمي وأقاليم
السودان القديمة.
بقيت نقطة مهمة أخرى متعلقة باتجاه البعض لتمديد الفترة الانتقالية، فهذا أمر مرفوض، وعلى الحكومة الانتقالية الالتزام بالفترة المحددة لها، والسعي الجاد إلى الانتقال إلى مرحلة الحكم المدني الديمقراطي الذي تحرسه المؤسسات التشريعية والحزبية والمهنية والأمنية؛ لتأمين السلام، وتعزيز الديمقراطية في دولة المواطنة والعدلة والحياة الحرة الكريمة للمواطنين.