noradin@msn. com
*تسببت التطبيقات الشائهة لسياسات التحرير الاقتصادي والخصخصة التي طبقت في عهد الإنقاذ دون مراعاة للأحوال السياسية والاقتصادية والأمنية‘ في انهيار الكثير من مؤسسات القطاع العام التي كانت تشكل حجر الزاوية في الاقتصاد السوداني.
*بدأت هذه المؤسسات تتساقط واحدة تلو الاخرى الأمر الذي أثر تأثيراً سالباً على مجمل الحياة الاقتصادية وبالتالي على حياة المواطنين الذين ما زالوا يعانون من جراء استمرار هذه السياسات وتداعياتها المأساوية على الأسواق والأسعار.
- الحال الذي وصل إليه مشروع الجزيرة يقف شاهداً على خطأ هذه السياسات التي تسببت في انهيار المشروعات الزراعية وإعسار المزارعين والزج ببعضهم في السجون‘ وهذا بالطبع تسبب في زيادة كلفة الإنتاج الزراعي وأسعار الخضروات والمحاصيل الزراعية.
*عملية بيع المؤسسات العامة لم ترحم أي ناقل وطني ابتداء من النقل النهري الذي كان يسهم في الحراك البشري والتجاري بين الشمال والجنوب قبل أن ينفصل الجنوب ويقيم دولته المستقلة ويتراجع دور النقل النهري ولا يكاد يبين.
*الناقل الوطني الثاني الذي تأثر سلباً بسياسات الخصخصة والأخطاء السياسية والإدارية هو شريان السودان – السكك الحديدية – التي كانت تربط بين كل أنحاء السودان‘ إضافة لدورها الكبير في حركة النقل البري الأرخص والأكثر أماناً.
*ناقل آخر لايقل أهمية عن السكك الحديدية تضرر كثيراً نتيجة ذات السياسات وهو الخطوط الجوية السودانية التي كانت ملء السمع والبصر عندما كانت تمتد خطوطها من السودان إلى معظم أرجاء العالم‘ أصبحت الآن لاتستطيع تغطية حاجة السفريات الداخلية.
*تداعت كل هذه المآسي على الذاكرة وأنا أستمع لتقرير أعده الإعلامي المتميز الطاهر المرضي قبل سنوات من مدينة بورتسودان لقناة الجزيرة العربية عن الخطوط البحرية السودانية التي كانت تملك ١٥ باخرة تجوب بحار العالم وهي محملة بالركاب والبضائع‘ لم يبق منها سوى باخرتين معروضتين أيضاً للبيع!!.
*في كل هذه الحالات وقعت الأضرار على العاملين الذين تعرضوا للفصل والتشريد والمماطلة في إعطائهم حقوقهم فيما تتداعى الآثار السالبة على الأوضاع الاقتصادية التي تتفاقم بصورة تصاعدية مع استمرار الحلول التسكينية التي لا تعالج جذور المشكلة.
*لهذا ظلت المعضلة الاقتصادية حتى بعد نجاح ثورة ديسمبر الشعبية في إزاحة سطة نظام الإنقاذ من الحكم في مقدمة المعضلات التي تحتاج لمعالجة جذرية ومراجعة شاملة للسياسات المتبعة التي فشلت في تحقيق الاستقرار والأمن الاقتصادي وتسببت في المزيد من الاختلالات والاختناقات التي مازالت تلقي بثقلها على كاهل المواطنين الذين لم يعد كاهلهم يحتمل المزيد من الاعباء.