كتب الهندي عز الدين في صحيفته المجهر السياسي بتاريخ 4/08/2020م بعد يومين من حادثة شباب الحتانة وعضو مجلس السيادة الفريق أول شمس الدين الكباشي في منزل الصحفي جمال عنقرة مقالاً مطولًا صب فيه جام غضبه على ثورة ديسمبر واختتم قائلاً:
(وكلمتي الأخيرة .. إلى ضباط و ضباط صف وجنود القوات المسلحة السودانية .. إعلموا أن الفريق أول ” شمس الدين كباشي” هو رمز من رموز كرامتكم و كبريائكم .. وعمود خرصانة قواتكم .. وعنوان عزتها .. مَن يستهدفه يستهدف الجيش .. ومن يتآمر عليه إنما يتآمر على الجيش .. و قد تعجبتُ أن قيادة القوات المسلحة التي لا نعرف لها ناطقاً رسمياً منذ إعفاء الناطق السابق ، لم تصدر بيان إدانة لما جرى مع أحد قادتها الكبار !!! اعلموا – سادتي – أن الشعب السوداني متمسكٌ بوحدته وملتفٌ حول جيشه القومي .. حفيٌ بقادته الأشاوس ، وتيقنوا أن فعل الغوغاء لن يدير دولةً و لن يبني وطناً).
لا يشك أحد من الناس أن حادثة الحتانة عفوية وفردية لمجموعة من لجان المقاومة بالمنطقة استفزهم وجود مجموعات إعلامية ذات توجه سياسي واحد ومعروفة بعدائها للثورة مع عضو مجلس السيادة الفريق أول الركن شمس الدين كباشي وبالطبع إن ما حدث لا علاقة له من قريب أو بعيد بالإساءة الى القوات المسلحة وكيف يقصد الشباب الإساءة الى القوات المسلحة وهم قد لجأوا اليها واعتصموا بها وأمامها منذ السادس من أبريل 2019م وحتى ليلة فض الاعتصام في الثالث من يونيو 2019م يوم كانت مليشيات النظام السابق تملأ عين الشمس وتسد الأفق تصطادهم في الازقة والشوارع فقتلت المئات.
والسؤال هل كان سيتعامل شباب الحي بهذه الطريقة لو كانت الزيارة أسرية خاصة لأسرة الأستاذ جمال ابن النور عنقرة أحد أبرز أمراء المهدية المناضلين ؟وهل كان سيكون تعاملهم بنفس الطريقة لو كانت زيارة سعادته أسرية معلنة ومحروسة من قبل الأمن والشرطة لرتبته الرفيعة ووضعه السيادي كعضو في مجلس السيادة؟
وفي ذات السياق يتحمل الصحفي جمال النور عنقرة 90% مما حدث في منزله بسبب استغلاله لعلاقته الاسرية بالفريق أول كباشي ودعوته للاجتماع في منزله مع مجموعة من الصحفيين الإسلاميين وتغليفها “بأجندة خفية” وكان على الفريق أول كباشي أن يكون حريصاً على قوميته و التنبه لمثل هذه الأمور.
كما ساهم جمال عنقرة في تأزيم الوضع بسبب تضارب أقواله فبحسب البيان الصادر من تنسيقية لجان المقاومة بمنطقة كرري “بأنهم عندما استفسروا منه أوضح لهم أن “الاجتماع لمناقشة بعض المشاكل المتعلقة بمعاش الناس”!!، ثم مضى البيان موضحاً بأنه عند وصول المتظاهرين إلى منزله عاد وانكر أمر الاجتماع وذكر لهم بأن الزيارة “أسرية”.
والهندي عز الدين كان ولا يزال عدواً للثورة مؤيداً للمؤتمر الوطني خاصة على عثمان محمد طه كبير المفسدين في الأرض منذ أيامها الأولى ففي 12 يناير 2019م هاله منظر المظاهرات العارمة التي تجتاح شوارع العاصمة كالسيل الهادر فكتب مخففا من آثارها على منتسبي المؤتمر الوطني قائلاً (إن الدعوات المتلاحقة للتظاهر اليومي والأسبوعي من الخرطوم إلى أم درمان وبحري، لن تُسقِط النظام ، فلابد من توفر شروط محددة لإسقاط نظام قوي وراسخ ومدعوم سياسياً من حزب كبير وحقيقي مثل حزب المؤتمر الوطني الذي لم ينشأ بمال السلطة وموظفيها، بل هو حزب جذوره ضاربة في تأريخ العمل السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في السودان منذ منتصف أربعينيات القرن الماضي) انتهى كلامه.
فثورة شباب الحتانة طبيعية ومبررة لولا الهتافات العنصرية والإساءات الجارحة التي صاحبتها والتي تحسب نقطة سالبة جداً على لجان المقاومة وتنال من صدقيتها في حماية الثورة بهذه الطريقة المرفوضة برغم أن بيان تنسيقية منطقة كرري قد تبرأ من قائلها وإنكار انتماءه إلى اللجان إلا أن هذا القول مردود عليهم لأنه بمثابة “الجس بعد الذبح” فكان لزاماً عليهم التنسيق فيما بينهم للمحافظة على سلمية التظاهرة قولا وعملاً.
لم تكن حادثة الحتانة الأولى فقد سبقتها حوادث وتظاهرات مماثلة أخرى كما أنها لن تكون الأخيرة في فضاء الممارسة الديمقراطية وفي ذات الوقت ننعى على صحفيي النظام السابق محاولتهم اليائسة لإستغلالها لقرع طبول الفتنة بين الشعب والقوات المسلحة ونأمل أن تكون الحادثة درساً مفيداً للأحزاب والمنظمات السياسة لضبط سلوك أفرادها واحترام حرية الآخرين.