تفاجأ الجميع بتغريدة على الصفحة الرسمية للسيد رئيس مجلس الوزراء بالفيسبوك يعلن فيها إلتقاءه بمجموعة من منظمات دعم حقوق الانسان والمجتمع المدني حول العالم! في الوقت الذي كان فيه أهم حق للإنسان على الإطلاق في الوجود يهدر في طرقات بورتسودان وهو ( الحق في الحياة )، حاولت الصفحة معالجة الامر بانزال تصريح صحفي لرئيس الوزراء عن إجراءات لمعالجة الأوضاع في الشرق اوكل فيها الأمر للجنة امنية ولقوى سياسية. ولكن الأمر لم ينتهي هنا، اذ تفاجأ الجميع بتغريدة جديدة على الصفحة يهنيء فيها رئيس مجلس الوزراء شباب السودان باليوم العالمي للشباب!! متخطيا مجددا النزيف والقتل في طرقات بورتسودان، هذه الصورة المعكوسة لأرفع شخصية تنفيذية في البلاد، أعطت مؤشر غير مبشر يفيد بأن أن الأولويات لدى الحكومة معكوسة، الاحتفالات والأعياد أعلى او بمرتبة الدماء والأرواح!!
يتحمل مستشارو رئيس مجلس الوزراء هذا السقوط الفظيع في فقدان التواصل الفعال مع عواطف الجماهير، وإبرازهم لرئيس مجلس الوزراء كالمنفصل عن نبض الواقع، والمنفصم عن الحقائق، صورة تشابه في منظورها العام كثيرا ردة فعل ماري أنطونيت امام مواكب احتجاج الثورة الفرنسية. وهي صورة بكل المقاييس تطعن الثورة في مقتل وتصور قادتها بالنائمين في العسل، وتجعل الشكر الذي انتظم البلاد باجمعها بعنوان ( شكرا حمدوك ) يتحول إلى حقيقة المثل السوداني ( الشكرو رقد ).
قم ياحمدوك! واستنهض هذه ( الشلة) من حولك واذهب إلى بورتسودان، وخاطب الشعب السوداني من شوارعها معلنا وجودك في أرض الحدث ووسط شعبك، هذه هي الصورة التي تبحث عنها الجماهير، فالثورة لم تضحي بالارواح والدماء بحثا عن ( افندية) مكاتب يقودون البلاد من خلف الأبواب المغلقة، بل من اجل قادة ثوار، طوافون على الأرض، حيثما نزفت هذه البلاد وقفوا على جرحها، وحيثما صرخت من ألم وجدتهم لديها، قم يا حمدوك وانقل جميع مكتبك إلى بورتسودان، حول الدولة المركزية التي فشلت تاريخيا في قيادة هذه الوطن، إلى دولة لا مركزية، أو حكومة متنقلة، حيثما كان الجرح كانت هناك، بقيادتها وجيشها وأمنها وإعلامها، تعالج القضايا العاجلة ولا تتركها تستفحل، وتقضي على الفتن في مهدها، فالنار من مستصغر الشرر.
تفكروا لو ان حمدوك طار إلى فتابرنو في لحظة الهجوم عليها !! تسعة ساعات من الهجوم على فتابرنو والخرطوم نائمة والابرياء يقتلون، تفكروا لو ان حمدوك وصل إلى فتابرنو فهل كان النزيف سيتواصل لتسعة ساعات؟! تفكروا لو انه طار إلى بورتسودان من يومها الأول هل سيستمر النزيف لايام وليالي كالحات؟! هذه حكومة ثورة، فإن لم تتحول في نفسها إلى ثورة على كل مظاهر القتل والنزيف فما فائدتها؟!!
لا يهم شعب السودان عيد الشباب ولم يسمع به اكثرهم، لا يهمهم موقف منظمات العالم ولا نظرتهم، يهمهم انسان السودان في الشرق والغرب والشمال والجنوب، روح سودانية واحدة هي اغلى من كل هذه الأعياد والمنظمات العالمية، تعاطف الجماهير مع قضاياها الذاتية وحدها ضد الفساد والظلم وجعلها تثور وتطيح بواحدة من أكبر الدكتاتوريات في أفريقيا، تعاطف الجماهير مع القيادة وتوحدها خلفها هو الحل السحري الذي يجب أن يعتمد عليه حمدوك، لا تفرط ياحمدوك في الجماهير فتندم.
قم ياحمدوك، فليس سرا ان الرمال تتحرك تحت أقدامك، واصدقاء الأمس ما عادوا جميعا يرونك فارس الأحلام، لذلك الطريق الراهن الذي تسوقك فيه ( الشلة ) هو طريق مفارق للشعب والسياسيين والثورة، وسيقودك إلى مصير واحد فقط، هو السقوط، فقم يا حمدوك قبل فوات الاوان.
sondy25@gmail.com