ظلت العلاقة بين حمدوك وقوى الحرية والتغيير متأرجحة احياناً، وغامضة وغير مفهومة معظم الوقت، وهناك تقاطعات احياناً وتفاهمات في بعض الاحايين القليلة جداً.
والشعار الاساسي المرفوع ان قوى الحرية والتغيير هي الحاضنة السياسية لحكومة حمدوك، ولكن واقع الحال يقول عكس ذلك تماماً.
ولا نحتاج الى اي اجتهاد او عصف ذهني لإثبات أن العلاقة بين حكومة حمدوك ومركزية قوى الحرية والتغيير قد انتهت فعلياً، وقد دفنت العلاقة حتى بدون تقبل العزاء.
والدفن الفعلي لهذه العلاقة قد تم امس عندما أجاز مجلسا السيادة والوزراء مشروع الميزانية المعدلة دون أدنى ألتفاتة من المجلسين لاعتراضات مركزية قوى الحرية والتغيير لهذه الميزانية الكارثية في نظري.
والسؤال … ماذا فعلت قوى الحرية والتغيير بعد اجازة الميزانية المعدلة؟
لم يكن أمامها إلا إصدار بيان خجول من القطاع الاقتصادي لقوى الحرية والتغيير سجلت فيه اعتراضها ورفضها الميزانية المعدلة، ولم يكن البيان إلا تحصيل حاصل لا يقدم ولا يؤخر شيئاً، فالميزانية تمت إجازتها فعلياً، وستطبق بنودها رغم أنف قوى الحرية والتغيير، كما يقول اهل القانون: وعلى المتضرر اللجوء للقضاء !!
وحري بنا ان نتساءل: لماذا وصلت العلاقة بين الطرفين إلى هذا الدرك السحيق؟ ومن يتحمل تبعات ذلك؟ هل هي حكومة حمدوك أم قوى الحرية والتغيير؟
وسؤال آخر أكثر حدة ووضوح .. هل قرر حمدوك ان يتخلص فعلياً من حاضنته السياسية؟ وقرر مواصلة المشوار منفرداً متحملاً كل تبعات قراره؟
إجابة السؤال الأول .. حسب قراءاتي الشخصية فإن قوى الحرية هي التي تتحمل مسؤولية توتر العلاقة بين الطرفين .. مركزية قوى الحرية فجأة تحولت الى مركزية لتوزيع المناصب وبشكل مقزز.
ركلت كل المهام الجسيمة الملقاة على عاتقها، ونست أو تناست كل شعارات ثورة ديسمبر، وانشغلت بمعارك جانبية تافهة لا تتعدى معاركهم توزيع المناصب في المركز والولايات. ودعنا نقولها بكل الصدق والوضوح انهم استبدلوا تمكيناً بتمكين آخر (كأنك يا زيد ما غزيت) .
اضافة إلى ذلك هناك جملة من الصعوبات التي جرت داخل منظومة قوى الحرية وخروج بعض مكونات قوى الحرية والتغيير، مثل: حزب الأمة القومي، الذي لم يكتف بتجميد عضويته فقط، بل سعى بكل قوة ( لفرتكة) قوى الحرية، ونستطيع القول إنهم نجحوا في ذلك لحد بعيد. ولا ننس الحرب الضروس بين مكونات تجمع المهنيين، إضافة إلى ذلك التناقض البين بين مكونات قوى الحرية في بعض الأمور التي لا تتحمل ذلك.
اما إجابة السؤال الثاني فأعتقد ان حمدوك قد قرر مواصلة المشوار ليس منفرداً فقط، ولكن الواضح انه أصبح يرمي بكل ثقله في البند السادس، وبعثة الامم المتحدة المتوقع وصولها نهاية هذا العام. وكأن هذه البعثة ستكون الحاضنة السياسية له!! وإذا صح هذا التحليل فإن حمدوك اصبح بعيداً من الجماهير التي أوصلته لهذا الكرسي الذي يجلس فيه، وللأسف هذا التفكير سيدفعه إلى حرق شعبيته الجارفة التي وجدها بنفسه.
وقد دعوته من قبل وأعيد دعوتي هنا مرة أخرى … يا حمدوك .. ضع يدك في يد لجان المقاومة إذا كنت تريد النجاح، ولا تضع كل البيض في سله بعثة الأمم المتحدة.. نعم رحبنا بهذه البعثة، ولكن ليس بمعنى ان يصبحوا حاضنة سياسية لثورة الشباب.
شباب لجان المقاومة هم من أشعلوا نار الثورة، وهم الذين يقدمون الغالي والنفيس من أجل هذا الوطن .. لا يبحثون عن منصب او جاه او مغانم كما فعلت مركزية قوى الحرية.
ضع يدك في يدهم اولاً وبعدها انتظر بعثة الامم المتحدة.
هذه نصحيتنا لك ولك الخيار في قبولها أو رفضها