ولدت في مجتمع لحمته الاجتماعية قوية وصلبة ومترابطة لاترى عليها تفكك أو انقسام، قلما توجد ذلك الوضع في أي بقعة من بقاع العالم وبدون فخر، مسقط رأسي مدينة الدويم (وسط السودان) وتقع على ضفاف النيل الأبيض الخالد والذي يتقاتل على مياهه العذبة كل من السودان ومصر وإثيويبا بسبب تشييد سد النهضة، ومجتمع مدينتي يمثل نموذجا نشطا وحيا لمفهوم العلاقات الاجتماعية بمفهومها الديني والاجتماعي والإنساني، رغم وجود أجناس مختلفة من التكتلات البشرية من التعدد القلبي والأعراف.
وأعلن لكم اليوم سراً قد لا يصدقه أحد، أن معظم الأسر التي تكون الكيان الاجتماعي لهذه المدينة التاريخية يعرفون بعضهم البعض وقد يصل هذا الأمر إلى 90 في المائة ، وهم في المناسبات الاجتماعات يمثلون أسرة واحدة، وخاصة في أيام الأحزان والوفيات كل الناس يقفون يد واحدة من أجل هذها اليوم وعند صلاة المغرب لن تجد موضع قدم لتقف عليه لكثرة زحمة الناس والتزام بالحضور لمشاركة أهل العزاء احزانهم ووقوف معهم مادياً ومعنوياً.
وموضوعنا اليوم أنه في عالمنا اليوم عالم الاقتصاد والمال ورجال الاعمال ظهرت تعريفات جديدة لمفهوم الوقفة او ما يعرف بالمسؤولية الاجتماعية ومساعدة الناس واصبحت لها نظم وقوانيين ولوائح من خلال الشركات والمؤسسات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني، ولكم في مدينتي الدويم العريقة والأصيلة باخلاق وتعامل أهلها وسكانها الراقيين فقيرهم قبل غنيهم وهنا تظهر قمة التواضع في هذا العمل الإنساني.قبل نحو 30أو 40 عاما كان فئة التجار قلة ويحسبون بعدد الأصابع ولكنه في نفس متواضعين إلى حد البعيد مع الآخرين، وقد كانت هذه الفئة مثال جيد لتجار المدينة، وهنا سأذكر أسماء منهم ومازال أبناءهم يواصلون في هذه العمل الخيري، فهؤلاء التجار تجدهم موجودين بشاركتهم الشخصية والمادية في المناسبات الاجتماعية في هذه المدينة الذي أسمها ضارب في اعماق التاريخ، وحسب ما سمعته من قصص وحديث المدينة أن المرحوم العم احمد فيضل كان يمر كل جمعة أسبوعيا على بيوت جيرانهم ويتكفل بختان الابناء ويذبح لهم خرفان، ويفرح بهم وقد كان احمد سعيد القطب الاتحادي المشهور في الدويم يشترى أحسن انواع العسل والسمن ويذهب بها إلى منزل الزعيم أسماعيل الازهري في منزله في أم درمان، ليعكس كيف كان التعامل الراقي مع زعماء السياسية في تلك الفترة السابقة ومقارنتها بالعلاقات الاجتماعية بين السياسيين حاليا.
في مدينتي الدويم هنالك أسماء كبيرة لها وضعها الاجتماعي والإنساني بين سكان المدينة وهنالك أجمع على انهم من كرماء القوم وأميزهم وعلى سبيل الذكر لا الحصر: العمدة إبراهيم حسن، الخليفة الحسن، يوسف هباني (الناظر) إدريس هباني، خوجلي هباني، العمدة محمد حسن عمران، الطيب زهران، الشيخ موسى حسن، الشيخ الريح السنهوري، عوض الكريم محمد علي شيخ سوق المدينة حسن المحسن، إبراهيم بشير العبادي، حسن الطيب العبادي، بابكر إبراهيم سالم، حسين عبد العزيز، فضل الله عطاي، التجاني حمودي أكبر صاحب مشاريع زراعية في منطقة النيل الأبيض، الأمين عبد السلام، إبراهيم محمد صالح، عثمان عمار، جمال الدين حسب الملقب بود الأمير، إسماعيل المتعافي، إبراهيم برير، بشير الشريف، سليمان لعوتة، محجوب علي الشايقي، محمد عطاي، مصطفي السباعي، عثمان سائح، عبد المعطي برجاس ، أسطى برير، صالح موسى، ومحمد سعيد الشيخ. عبد الله البهل، حامد سليمان أمام الجامع الكبير. وحسن عبد المجيد. وهنالك فئة من المتعلمين التي كان لها دورا رياديا في دعم السلوك التربوي والاجتماعي للاجيال المتعاقبة لهذه المدينة.
هؤلاء معظم أعيان مدينة الدويم وهم يمثلون الرعيل الاول لهذه النواة والبذرة الاجتماعية الرائدة وطبعا اسماء كثيرة اخرى ، كانوا يمثلون الحظوة الاجتماعية وهم رؤس البلد وقدوتها الاجتماعية وأعمدتها وأركانها الحقيقية، وهم كانوا يمثلون جذوة المسؤولية الاجتماعية، دون أن يحسسوا أحد وانهم يعملون هذه الأعمال الخيرة لدعم حركة المجتمع، وبسط المودة والترابط الاجتماعي الفريدة .