أكثر من شهر مر على قرار قبول استقالة ستة وزراء وإعفاء السابع، ولم يتم حتى الآن تعيين الوزراء الجدد، أكثر من شهر والبلاد بلا وزير مالية والواقع الاقتصادي يتدهور كل صبح جديد، بل وصلت الأمور ان تتخذ الحكومة في غياب وزير جديد للمالية قرارا بتعديل الميزانية!! وهي خطوة غريبة تثير الأسئلة حول لماذا تم التعديل بهذه السرعة؟ ولماذا لم تنتظر الحكومة تعيين وزير المالية الجديد ثم إجراء التعديل؟ والغرابة تزداد حين نعلم أن اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير أعلنت عدم مشاورتها في التعديلات التي تمت على الميزانية بل أعلنت رفضها لها، فالسؤال المهم هو من الذي قام بتعديل الموازنة؟ هل هي وكيلة المالية وطاقمها ام رئيس الوزراء ام بعض عضوية لجنة الطواريء الاقتصادية؟
الطريقة التي تم بها تعديل الميزانية تعيد الجميع إلى التفكير في كارثة التدخلات التي ذكرها وزير المالية المستقيل دكتور ابراهيم البدوي حين ذكر بأن هناك تدخلات متعددة ومراكز قرار تقرر في الشأن الاقتصادي بعيدا عن المسؤل الاقتصادي الأول في الدولة وهو وزير المالية، الحادثتان تثبتان بالفعل ان ثمة شلليات اقتصادية وسياسية من حول رئيس مجلس الوزراء وحكومته تتدخل وتصنع القرارات وتضع الموازنات، وهو وضع بكل المقاييس غير صحي ولن يقود الا إلى صدام بين مجلس الوزراء والحاضنة السياسية والشارع، خاصة وأن هذه التعديلات الاخيرة لم تظهر أي أثر إيجابي حتى الآن بل شهدت البلاد خلال اليومين الماضيين فقط قفزات متتالية في سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق الأسود.
ماذا ينتظر حمدوك لتعيين الوزراء؟ ام ان الأوضاع بدون وزراء ( ماشة ) ولا داعي لوزراء ( ووجع رأس ) ، نظرية ( ذي ما مشت البلد بدون مجلس تشريعي حاتمشي بدون وزراء !!)، هل ينتظر ترشيحات الحاضنة السياسية؟ هل الحاضنة السياسية ستقبل تجاوزها في الاقالات وترشح بطيب خاطر وزراء جدد؟ نعلم ان الحاضنة السياسية بها احزاب متهافتة و( سعرانة ) من أجل المناصب لن تتردد في ترشيح وزراء جددد، بينما بها ايضا أحزاب ذات وزن وثقل لا تسقط بسهولة، حزب الأمة القومي مثلا رفض ترشيح وزراء من حزبه، وقال كما أن رئيس الوزراء لم يشاور احدا في إقالة الوزراء فليعيين من تلقاء نفسه وزراء جدد ويتحمل المسؤلية، وهو رد فعل يناسب خطوة انفراد رئيس الوزراء بإقالة الوزراء بدون مشاورة الحاضنة السياسية، ولكن الحاضنة السياسية ليست جميعها على قلب حزب واحد، هناك أحزاب اذا لم يتعين أفرادها وزراء في هذه الحكومة الانتقالية فلن تسنح لهم الفرصة مجددا في المستقبل، فهي أحزاب بلا جماهير ولن يقودها صندوق الانتخابات بعد انتهاء الانتقالية للحكم مرة اخرى.
الدكتور ابراهيم الأمين تم التواصل معه بصورة فردية من قبل جهات في الحكومة من أجل تولي احدي الوزارات، وهي طريقة خاطئة في ترغيب الساسة بالمناصب في ظل رفض أحزابهم، وجيد ان الدكتور ابراهيم البدوي رفض هذا المنصب وظل على وفاءه لمواقف حزبه، ولكن هل كل الذين سيتواصلون معهم سيرفضون؟. استمرار عدم تعيين وزراء للوزارات الخالية غير سليم والسعي نحو تمكين الشلليات والمحاصصة ايضا غير سليم، الحل يمكن في عقد اجتماع موسع بين قوى الحرية والتغيير وحزب الأمة ومجلسي السيادة والوزراء والمكاشفة حول أسباب الإقالة والنظر في طرق سليمة لتعيين الوزراء الجدد.
sondy25@gmail.com