صدق سيدنا علي بن ابي طالب (كرم الله وجهه) فيما ينسب إليه من كلمات تواسي فقراء العالم وبؤسائه ( لو كان الفقر رجلا لقتلته) ،فالفقر يستحق القتل والشنق في ميدان عام ولطالما أنه يحاصر الضعفاء، والمتعففين والمرضي من اﻷطفال واﻷيتام واﻷرامل وكبار السن الذين لاعائل لهم والذين نادرا ماتصلهم مساعدات مستقرة او تبتكر لهم مصادر رزق ثابتة كل حسب وضعه وقدرته ..
وليتك جربت متعة أن تكون وسيطا اكرمه الله بثقة محسن خصه الله بمساعدة المحتاجين والمتعففين الذين يحسبهم الناس اغنياء من التعفف فتتخفي لتوصيل اﻷمانة لمستحقيها المتعففين أو توصلها ﻷصحاب الفقر البين الذين يصعب عليهم اﻹعتصام بالتعفف امام تضور اطفالهم جوعا او معاناة مرضاهم مع المرض ، فإذا كانت تلك المتعة الروحية تغمرك أنت المكلف بتوصيل اﻹعانة لمستحقيها تري كيف تكون جائزة ذاك المحسن صاحب الفضل وقد نذر نفسه لخدمة الضعفاء والمحتاجين ، فهو بلا شك فائز برضا الله وتوفيقه..
كيف لا وقد بشره الرسول الكريم بأن يكون رفيقه في الجنة (أنا وكافل اليتيم كهاتين ورفع اصبعيه السبابة والوسطي دليلا علي المساواة ، يا لعظمة الجائزة كافل اليتيم والرسول الكريم في مقام واحد يا لبشراكم ايها المحسنون.
اﻹحسان إلي الناس موهبة الهيه وأصطفاء خاص يكرم به الله بعض خلقه والكرم من اعظم الصفات وهي درجة من الولاية لله وقد قال البسطاء بحكم تجربتهم (الكريم لايضام) وقد قرأنا في اﻷثر نماذجا ﻷهل الكرم الذين انعم الله عليهم ورضي عنهم لتمسكهم بكرمهم ، بل قيل أن المصطفي صل الله عليه وسلم قال (أن حاتم الطائي يدخل الجنة لكرمه) وقد أحسن الرسول الكريم الي ابنة حاتم الطائي (سفانة) عندما علم بأنهما ضمن اسري قبيلة طائ لدي جيش المسلمين فعفي عنها واكرمها وكل ذلك ﻷنها ابنة الرجل الذي إشتهر بالكرم وإعانة الناس بنية صادقة ودون من أو اذي أو رياء.
وقد إشتهرت قصة الاسرة الفقيرة في عهد نبي الله موسي ، حيث عرضت إمرأة علي زوجها أن يذهبا لسيدنا موسي عليه السلام وهو كليم الله ليكلم ربه بطلبهما أن يزرقهما من المال والطعام لعام واحد فقط ( شدة الضيق والحاجة دفعتهما ليكون اقصي طموحهما رزق عام واحد فقط) ، ذهب الرجل وزوجته لسيدنا موسي ورفعا طلبهما ليكلم ربه بما حددها ، فأستجاب المولي عز وجل لطلبهما ورزقهما من المال والطعام، فلما تغير وضعهما قررا ان يقيما موضعا في طريق القوافل يصنعان الطعام للمسافرين ويطعمان الفقراء والمساكين والضعفاء ومضت سنوات وقد تضاعف رزقهما وغمرتهم البركة ، ونسي سيدنا موسي امرهما وذات يوم مر بالطريق فرأهما يطعمان الناس فتذكر قصتهما وانتبه إلي أن الله كلمه بانه سينعم عليهم بالرزق لعام واحد كما طلبا ذلك ، ولكن مضت سنوات وسنوات، فأندهش سيدنا موسي وكلم ربه :(يارب كان زوجين من الفقراء قد طلبامني أن ارفع اليك يارب أن ترزقهما لسنة واحدة فقط ، فوعدت ووعدك حق أن تستجيب لطلبهما وقد كان ولكن مضت سنوات وسنوات ولا يزال رزقك ينزل عليهم فكيف ذلك؟) فقال الله تعالي لنبيه موسي (ياموسي رزقتهما رزق سنة ، ولكنهما كانا كريمين فذهبا بكرمهما يطعمان المحتاجين والمساكين والمسافرين بنية صادقة ، فأستحيت أن اصرف عنمها النعمة وإنما زدتها لهم بركة فهما عبدين من عبادي إستحقا كرمي لكرمهما واحسانهما لخلقي ) .
الكرم واﻹحسان الي الفقراء والمحتاجين تجارة مع الله ، وهي امنية الصادقين أن يسهل الله لهم ﻹقامة مشروع انتاجي يدر عليهم دخلا مباركا توزع من فوائده مستحقات مستمرة للفقراء والمحتاجين والمرضي واﻷيتام واﻵرامل ليبارك الله في المشروع ليستوعب القادرين من الفقراء ليعملوا ويتحولوا لمنتجين يخرجون من دائرة الفقر ليقدموا العون لغيرهم من الفقراء والمحتاجين. فتلك هي المتعة التي لاتضاهي والتجارة الرابحة التي لا تعرف الخسارة، وقد جربها كثير من صحابة رسول الله واجادها سيدنا علي كرم الله وجهة وزوجه السيدة فاطمة الزهراء حتي نزل فيهم قرآنا يتلي الي يوم القيامة (ويطعمون الطعام علي حبه مسكينا ويتيما واسيرا ، إنما نطعمكم لوجه الله لانريد من جزاء ولا شكورا ،إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ، فوقاهم الله شر ذاك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا وجزاهم بماصبروا جنة وحربرا).
هناك نوع من البشر اﻷخيار لم يقتصر إحسانهم الي البشر فقط بل وصل الي نثر الحبوب للطير والهوام كل صباح بل وتجهيز حيضان دائمة وملؤها بالماء لتشرب منها تلك الهوام والحيوانات وقد شاهدت وسمعت دعوات الطيبين ممن توقف بدابته او حصانه الذي يستخدمه لنقل البضائع والتكسب به ليشرب في احد تلك اﻷحواض وكيف أن البسطاء اصحاب تلك الدواب و البهائم يسعدون ويدعون بالخير لمن جهز ذلك دون أن يظهر او يتعرفون عليه،
بعض فقراء العالم يعانون ويلات الحروب والكوارث الطبيعية والأمراض الفتاكة يواجهون الصعاب ويحاصرهم الجوع والعوز ولن تتخطاهم رحمة الله وعين الله لاتنام.