الخميس ٢٧ أغسطس ٢٠٢٠
(طيِّب) .. وعلى إفتراض أن هذه البلاد (ترفُل) في نظام ديموقراطي أو على أعتاب أن تكون ، لماذا يفترِض السيد / رئيس مجلس السيادة أن الشعب السوداني قابل لأن يستجيب (لوقيعة) بينهُ وبين الجيش أياً كانت الجهة التي تُدبِّر ذلك ؟ ! ، أفلا يجب أن يكون هذا السؤال (محوراً) إستراتيجياً لمُراجعة ما شاب العلاقة بين الشعب أو أغلبية فئاتهُ والجيش ؟ ، الإجابة عن هذا السؤال ستدفع الجميع إلى التحليل الأمثل للعديد من الوقائع التي أنتجت تلك التوجُسات والهواجس وإهتزاز الثقة ، والتي صنعتها الكثير من الأحداث التي لا تخلو من المرارات (الحقيقية) و(المُختلقة) ، في إعتقادي لقد آن أوان مواجهة قيادات الجيش وهيئاته المُختصة لـ (أسباب) و(مصادر) تلك الحملات (الغريبة) على قيَّم وطِباع وأخلاقيات الشعب السوداني فيما يتعلَّق بواجبات إحترام ومؤازرة قواته المُسلحة ، لا بد من مواجهة الواقع والإقلاع عن دفن الرؤوس في الرمال ، فالتعامُل مع الحقيقة المحضة وتشخيص الداء يساوي 90 % من مطلوبات المعالجة وإرجاع الأمور إلى نصابها.
من ناحية أخرى فإن ما يتم تداوله الآن من مضمون خطابي رئيسي مجلسي السيادة والوزراء الأخيرين ، وما ورد فيهما من (مُكاشفات) ومُصارحات حول المسكوت عنهُ من (مُنغصات) أثارت القلق وقادت إلى المواجهة ، جعلت من موضوع النزاع العسكري المدني حول ولاية وزارة المالية على الكثير من الشركات والمؤسسات التجارية التابعة للمنظومة العسكرية رغم مظهرهُ كأزمة ، إلا أنه من ناحية أخري يعكس الكثير من الصور الإيجابية القادرة على (تصحيح) بيانات التقويم الإحصائي للموارد من ناحية فنية وإدارية بما يُساعد في إعداد رؤية واضحة حول برامج ومُخطَّطات إسعاف الإقتصاد السوداني على المستوى القومي ، كما أنها من ناحية أخرى ومن باب (التنفيس عن الغبائن) ستدفع بالمزيد ِمن الثقة المتبادلة بين المكونَّين العسكري والمدني إن تم التشاور والتحاوُّر والإتفاق حولها ، بعيدأً عن الإنفعال واللجوء إلى الإستقطابات السياسية والمهنية والدولية.
وحتى لا يكون الحديث عن الموضوع عاماً ومُترهلاً و(إنفعالياً) فيفقد معناه ومدلولاته بالتغاضي عمداً عن التفاصيل ، وجب على الخائضين في مناقشتهِ وتحليله أن يُقروا بأن للجيش الحق شأنه شأن الكثير من جيوش العالم الثالث أن يستأثر ولأسباب فنيه وأمنية وتأمينية بمجموعة من الصناعات التي تسمى (حربية) في معظم هذه البلاد ، وهي صناعات من المُمكن أن تأخذ طابعاً تجارياً دولياً بعد تحقيق الإكتفاء الذاتي ، ولكن ذلك أيضاً لا بد له من لوائح ونُظُم مالية توضح ما يلي حقوق المصلحة الوطنية العامة في مردوداته ، ومن ناحية أخرى فإن الكثير من دول العالم الثالث إضطرت وتحت طائلة ضعف الناتج الوطني العام وعدم قدرتهِ على تغطية المنصرفات الإستراتيجية والضرورية لجيوشها ، أن تسمح لمنظوماتها العسكرية بتأسيس قاعدة إستثمارات (خاصة) ترفع عن كاهل الدولة الكثير من الأعباء التي تطلبها الجيوش من الميزانيات العامة ، إذن فإن الأمر ليس بدعة ولا إختراع قام بإبتكاره الجيش السوداني ، غير أن المشروعات الإستثمارية العسكرية إذا فاقت حد المعقولية وأضرت إضراراً واضحاً بالحركة (الطبيعية) للإقتصاد العام عبر التنامي كقوةٍ مالية منفصلة ومُستقلة تقاوم السياسات الإقتصادية للدولة أو تعمل في تضاد مع مطلوبتها ، أو تنافس القطاع الخاص بإمتيازاتها التفضيلية وتمنعهُ عن المساهمة الفاعلة في تحريك عجلة الإقتصاد القومي ، أو لا تخضع للحصر والمراجعة القانونية ، أو (تتسامى) وتمتنع عن الإستجابة للوائح والقوانين التي تُنظِّم وتُحدِّد مساهمتها في الناتج الإجمالي الوطني عبر سدادها للضرائب والجمارك والرسوم وبقية المساهمات القومية الأخرى ، في مثل هذه الأحوال وجب على كل الحادبين على مصلحة الوطن من مدنيين وعسكريين أن يُحقوا الحق ويناصروا الصواب.