1. جاء في الفصل الثالث من اتفاقية السلام الموقعة في جوبا عن صلاحيات الولاية وفي الفقرة 8-9 ما يأتي: “يحق لسكان المنطفتين(النيل الازرق وجنوب كردفان) المشاركة في اعادة كتابة تاريخ السودان….”، وقالت الفقرة 9-9 “ترويج الإرث الثقافي والتاريخي لشعوب المنطقتين، والدراسة الموضوعية لتاريخنا المشترك بما في ذلك فترة تجارة الرقيق…”.
2- تتردد من حين لاخر منذ فجر الاستقلال والي يوم اتفاقية السلام هذه الدعوة لإعادة كتابة تاريخ السودان الحديث والمعاصر بأقلام سودانية لتصحيح ما كتبه المستعمر الاوروبي والرحالة والمستشرقون والأكاديميون الاجانب.
3- روي عن الدكتاتور النازي أدولف هتلر أنه قال: “كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسي…”، كناية عن مقته واستهزائه بالمثقفين!
وإني لأرتاب وأتوجس وأتحسس قلمي كلما دعت حكوماتنا ودعا سياسيونا إلى إعادة كتابة التاريخ ربما بهدف تضخيم الذات الوطنية، واصطناع الاأطال والبطولات بتحوير ولي عنق حقائق الماضي، وطمس معالمه.
ولكن إن أُريد بالدعوة والنداء إلى اعادة القراءة، وتفسير الحوادث والأحداث -لا اعادة الكتابة- فإنها دعوة حق يراد بها المزيد من استجلا الماضي، وهو ما فعله عشرات المورخيين السودانيين خلال نصف القرن الماضي، وما برحوا يكتبون.
4. التاريخ سجل للماضي، والمؤرخ يسجل ما حدث ويكتب متي ولماذا وكيف، تحدوه الحيدة والموضوعية، لا يلوي عنق الحقيقة، ولا يصنع ولايضيف للماضي ما لم يحدث.
التاريخ يكتبه المورخون متي رغبوا بوحي من ذواتهم واستظهاراً لدربتهم الأكاديمية والتزامهم بمناهج البحث العلمي، لا طاعة لسلطان أو حاكم يوجههم ماذا يقولون وكيف يكتبون.
د. حسن عابدين
أسناذ التاريخ الافريقي بجامعة الخرطوم( سابقاً)…