إن ما تم في جوبا يوم الإثنين الماضي بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية من توقيع اتفاق سلام بالحروف الأولى بحضور رئيسي مجلس السيادة والوزراء ورئيس حكومة جنوب السودان تضمن الاتفاق على خمسة مسارات لدارفور والمنطقتين والوسط والشمال والشرق يعد خطوة في طريق صعب وشائك لكنه خطوة مهمة تتطلب تعزيز العمل المشترك لاستكمال السلام على أرض الواقع، ودفع استحقاقاته حتى يتحقق السلام الشامل العادل في كل ربوع السودان.
أولاً لا بد من تجاوز المسائل الخلافية، والبعد عن المحاصصة التي -وإن تم النص عليها في اتفاق جوبا- تحتاج إلى نظرة قومية تضع في الحسبان مصلحة السودان والسلام فوق المكاسب الذاتية.
إن المشاركة في السلطة مطلب عادل، لكنه يتطلب اليقظة والحذر؛ لتجنب أخطاء الماضي البعيد والقريب التي مازالت موجودة ومتفاقمة نتيجة لتأجيج الفتن القبلية حتى داخل بعض الولايات، كما حدث مؤخراً في ولاية كسلا.
من الصعب الحكم على اتفاق جوبا الذي فتح الباب أمام طريق صعب كما قال رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك عقب التوقيع عليه، لكن لابد من المضي قدماً نحو تحقيق السلام العادل الشامل، ودفع استحقاقاته بالتعاون المشترك بين مكونات الحكومة الانتقالية والموقعين على اتفاق جوبا والأسرة الدولية والإقليمية، والإسراع بتشكيل مفوضية السلام، وتكوين مفوضية الرحل والرعاة ومفوضية العدالة الإنتقالية، والعمل بجدية لعقد المؤتمر الدستوري القومي.
تدرك الحكومة الانتقالية حجم التحديات العملية التي مازالت تواجهها في مختلف المجالات السياسية والإاقتصادية والأمنية والعدلية والخدمية، وذلك يتطلب عملاً مكثفاً لتجاوز المطبات والعقبات التي توضع أمام مسارها مع سبق الإصرار والترصد.
أثبتت التجارب العملية في تاريخ السودان القديم والحديث أن وحدة الإرادة الشعبية قادرة على تحقيق المعجزات، وأنه رغم صعوبة المشوار وضراوة تيار أعداء السلام والديمقراطية والعدالة، فإنه بوحدة الإرادة والعزم وسد ثغرات الفتن والنزاعات المفتعلة يمكن العبور معاً نحو سودان المواطنة والسلام العادل الشامل والديمقراطية والعدالة والحياة الحرة الكريمة للمواطنين.