*أعلم أنك لست في حاجة إلى هذا الاحتفاء وانت في رحاب الرحمن الرحيم، وقد باعدت بيننا المسافات الزمانية والمكانية، لكنني على يقين بأن روحك السمحة ما زالت تظللنا بظلالها الوارفة حتى في هذه القارة البعيدة.
*أقول هذا بمناسبة يوم الأب الذي تحتفل الأسر الأسترالية به في أول أحد من سبتمبر من كل عام،هذا اليوم الذي بدأنا الاحتفال به في السودان على استحياء وسط بعض الأراء المستنكرة.
*لن أدخل في مغالطات لا طائل من ورائها مع الذين يرون الاحتفال بمثل هذه المناسبات التي نكرم فيها من يستحقون التقدير والاحترام بدعة، بل ساحتفي بأبي الشيخ مدني ابوالحسن الذي لم يغب عن دواخلنا رغم طول غيابه الجسماني عنا.
*ليس فقط لأنه لم يقصر في تربيتنا وتعليمنا حتى شقّ كل منا طريقه في الحياة، وإنما لأنه زرع في دواخلنا القيم الجميلة، وحب الحياة والناس، وفعل الخيرات.
*أدخلنا طوعاً في رحاب الصوفية منذ أن تفتح وعينا بحرصه على أن يصحبنا إلى الحضرات في زاوية الطريقة العزمية بعطبرة، وليالي المولد النبوي. علمنا أيضاً حب القراءة والاطلاع منذ وقت مبكر، فقد كان مشتركاً في عدد من الصحف والمجلات من مكتبة دبورة في عطبرة؛ إضافة إلى مكتبته العامرة بالكتب والمراجع الدينية. كان مشبعاً بالأفكار المستنيرة التي تشربناها دون إملاء، فأضاءت لنا طريق المعرفة اللامتناهي.
*لم تكن حياتنا الأسرية خالية من المنغصات التي تجاوزها بصبره، ويقينه، فتعلمنا أيضاً أن الحياة لا تخلو من مطبات وضغوط، وعلى الإنسان أن يتحمل مسؤوليته في التصدي لها.
* كان في مقدمة الذين شجعوني على كتاباتي الصحفية، والإشادة الصادقة ببعض ما أتناوله فيها، قبل أن يصبح لي قراء يمدونني بالحماس على مواصلة تحمل مسؤولية الكلمة، فعلمني الصبر على قول الحق.
*مهما كتبت عن أبي الشيخ مدني ابوالحسن محمد لن أوفيه حقه، فقد أثمرت شجرته الطيبة وارفة الظلال، وأصبح كما يقول شاعر السراي :”في كل بلاد سوالو ولاد” بفضل الله وتوفيقه.
* في “يوم الأب” دعوني أزجي تحية حب وتقدير إلى روح أبي، مع خالص الدعاء له بالرحمة والنعيم الأبدي، والتحية موصولة لكل الآباء.