كنت اتمنى ان تعلق لافتة كبيرة على صدر قاعة المؤتمر الاقتصادي تقول ( تسيير الثورات على البطون الجائعة) هذا المثل الأمريكي يمثل تذكرة مهمة للخبراء وكوادر الحكومة الانتقالية بأن المؤتمر الاقتصادي يجب أن يكون جادا في إيجاد حلول عملية وليست نظرية لأزمات الجوع والغلاء التي تطحن الشعب السوداني في الوقت الراهن.
تجليات الازمة الاقتصادية متعددة، بعضها مستعجل وبعضها قد ينتظر، البطالة يمكن ان تنتظر حلول على المدى المتوسط، اصلاح الطرق وزيادة تغطية الكهرباء يمكن ان تنتظر، ولكن الخبز لا يمكنه أن ينتظر، قد يعيش المواطن بدون وظيفة وبدون طرق جيدة وبدون كهرباء ولكنه لا يستطيع العيش بدون خبز.
في ٢٠١٨ تحدثت إحصاءات الاتحاد الأوربي عن ان ٥٨% من السودانيين يعيشون على وجبة واحدة في اليوم!! اتوقع ان هذه النسبة قد تضاعفت الآن بعد الارتفاع الجنوني في الأسعار مقارنة بالدخل، قد تكون ارتفعت الى ٩٠% من الشعب السوداني، وهذا ما يمكن تسميته بشعب البطون الجائعة وهي بطون اذا لم تشبع ثارت، وإن ثارت ستجعل عالي الحكام سافلها، فهل السادة في الحكومة الانتقالية وقحت وحضور المؤتمر الاقتصادي مدركين لخطورة الوضع وحساسيته؟.
لم يكن مقبولا رغم كل المبررات ان يتهاوى الجنيه السوداني يوميا أمام أعين حكومة الثورة وهي لا تحرك ساكنا ! كان وسيظل مخجلا وصول أسعار السلع في ظل حكومة الثورة أرقاما فلكية تفوق ما كانت عليه في أيام المخلوع بفارق كبير، كل هذا حدث والحكومة الانتقالية لا تخرج إلى الجماهير بخطاب يطمئن المواطن بأن هناك إجراءات قيد العمل ستكون حاسمة في خفض التضخم والغلاء، الان يمثل المؤتمر الاقتصادي الفرصة الأخيرة لمعالجة هذا الخلل وإنقاذ البلاد والعباد من الانهيار، فهل توصيات المؤتمر الاقتصادي قادرة على التدليل عمليا على جودتها خلال وقت قصير من خلال توفير السلع على الاقل وكبح جماح التضخم؟!!
لا يهتم المواطن البسيط بجلسات المؤتمر الاقتصادي القومي، فهو لا يعلم ماذا تعني كلمة اقتصاد رأسمالي او اشتراكي او غيرهما من مفردات اقتصادية، كل ما يهمه هو سعر الضرويات من سكر وزيت وشاي في البقالة وسعر الطماطم والبصل في سوق الخضار وتوفر الخبز والمواصلات، اذا حدث تغيير هنا وانخفضت الاسعار سيصفق المواطن للمؤتمر الاقتصادي، اما اذا استمرت الأمور على هي عليه او زاد الطين بلة، فلن يدعم الشعب الحكومة ولن يحميها، فليركز المؤتمر الاقتصادي على حل ازمة الجوع لتفادي تعقيد الامور التي ما عادت تتطلب مغامرات جديدة.
sondy25@gmail.com