في حلة أدبية مبهرة جمعت بين الشعر السوداني ونقده في المقررات والمناهج الدراسية، وحركة النشر والتأليف، والنقد التطبيقي، شهدت العاصمة السودانية بدء جدول أعمال فعاليات ملتقى الخرطوم لنقد الشعر السوداني في دورته الثالثة التي حملت شعار (نقد الشعر السوداني ورهان الفاعلية)، الذي ينظمه بيت الشعر الخرطوم، بحضور لفيف من الأدباء والنقاد والأكاديميين والباحثين والمهتمين بالمجال، بقاعة اتحاد المصارف.
وابتدر الملتقى أعمال بضرب النحاس لما فيه دلالة في الاحتفاء وارتباطه بالأدب، وافتتح معرض كتاب مصاحب للفعاليات بمشاركة ثلاثة دور نشر محلية ضمت دار جامعة الخرطوم للطباعة والنشر، ودار المصورات للنشر، ومؤسسة العلامة عبدالله الطيب.
وتضمنت الجلسة الافتتاحية الأولى للملتقى عرض فيلم وثائقي عن حياة الراحل محمد محمد علي أعده الأستاذ عماد محمد بابكر، وأكد الدكتور الصديق عمر الصديق في كلمته أن قلة وجود النقد وكثرة الإنتاج الشعري كان سببا في انعقاد الملتقى والاستمرار الذي قطع بمواصلته، واعتبر ذلك امتدادا لنواة النقد التي قدمها أوائل النقاد أمثال حمزة الملك طمبل واعدا بطباعة الأعمال الشعرية الكاملة للناقد الشاعر محمد محمد علي، والشاعر إدريس محمد جماع، وبشر بمشروع جمهرة الشعر السوداني التي سيعلن الاحتفاء به، بعد الفراغ من ملتقى النقد مقدما شكره للجمهور وأسرة المحتفى به.
وخاطب الجلسة الافتتاحية ممثل وزير الثقافة والإعلام الأستاذ عالم عباس محمد نور، الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون وقال: إن الفعل النقدي أمر تحتاجه الحركة الأدبية وحيا عالم عباس أهل حلفاية الملوك التي أنجبت أفذاذ الأدباء منهم عون الشريف قاسم، وإدريس جماع ومحمد محمد علي وغيرهم، مشيرا إلى تمثيله لوزير الثقافة الذي غادر للعاصمة الجنوب سودانية ضمن وفد الحكومة الانتقالية للمشاركة في احتفالات البلاد بتوقيع السلام، مقدما التهنئة للشعب السوداني على بالسلام متمنيا أن يعم ربوع البلاد التي عانت كثيرا من ويلات الحروب وكرم الملتقى شخصية العام الشاعر الناقد الراحل محمد محمد علي بدرع شخصية العام الذي تسلمته أسرة الراحل، إلى جانب تكريم اللجنة العلمية للملتقى.
تناولت الجلسة الثانية من أعمال الملتقى محور شخصية العام، حيث استعرض الأستاذ أبو عاقلة إدريس ورقته المعنونة بـ محمد محمد علي (22 – 1970م) .. سيرة شاعر وناقد، طوف خلالها حول حياة الراحل وسيرته الأدبية والشخصية، بينما تناولت ورقة للدكتور حسان بشير حسان الفكرة القومية وتطبيقها عند محمد محمد علي، ويرى الباحث خلالها ورقته “أن محمد محمد علي يُعد من قادة الفكر القومي في السودن. وأبعد عنصر الجنس من مقومات القومية العربية في الجانب النظري، واستعان به في الجانب التطبيقي في نقده وشعره، وأهمل عمداً المناقشة الصريحة لإبعاده رابطة الدين من روابط القومية العربية لشيء في نفسه، واعتبر حسان رأي الناقد الراحل الملتف على إبعاد رابطة الدين متناقض، وقصائده في إفريقيا تتفق مع أهداف القومية عنده” وأدار الجلسة الدكتور أحمد يس عبدالرحمن أستاذ الأدب والنقد المساعد بقسم اللغة العربية بجامعة أم درمان الأهلية.
وعقب الاستراحة انعقدت الجلسة الثالثة التي تناولت محور الشعر ونقده في المناهج والمقررات الدراسية أوراقاً شملت الشعر السوداني ونقده في المقررات والرسائل الجامعية قدمها الدكتور المكاشفي إبراهيم، وهدفت إلى مفاتشة محتوى مقررات الأدب السوداني ببعض الجامعات السودانية، وحصر الرسائل العلمية المنجزة حوله في درجتي الماجستير والدكتوراه، وتصنيف الموضوعات التي عالجتها أو أهملتها معاً، ومن النتائج التي توصلت إليها الورقة: ضعف الاهتمام بتوثيق الشعر السوداني عامة، وقلة المشتغلين عليه، عدم إفراد مساحة كافية لمقرر الأدب السوداني في بعض الكليات التي تدرسه في مقرر واحد، لا يفي باستيعاب موضوعاته. بلغ عدد الرسائل العلمية المنجزة في الشعر السوداني ونقده، خلال خمسين عاماً، 145 رسالة، منها تسعة بحوث تكميلية في درجة الماجستير، 95 رسالة في درجة الماجستير، 41 أطروحة في درجة الدكتوراه.
توفرت الرسائل العلمية على دراسة واحد وخمسين شاعراً (حياتهم وشعرهم)، ولم تفرد دراسة لشاعرة واحدة، قلة الرسائل العلمية التي أنجزت حول دراسة اتجاه أو تيار أدبي في الشعر السوداني عامة، واقتصارها على ست دراسات. وقدم الأستاذ محجوب دياب ورقة الشعر السوداني في المقررات الدراسية لمؤسسات التعليم العام، وتطرقت ورقته لـ الاختيارات بين الرؤية النقدية والأهداف التربوية القديمة والمعاصرة، وحضور الشعر السوداني في المقررات الدراسية السودانية متناولاً النصوص السودانية في المقرر الدراسي السوداني، وملحوظات عامة حول ورود الشعر السوداني في المقرر المدرسي، وتناولت أيضاً طريقة العرض والنصوص المختارة نقد وتقويم، وجعلت الورقة مصادرها الاعتماد على الكتاب المدرسي وكتب الاختيارات، كالمفضليات وحماسة أبي تمام، وديوان الشعر العربي لأدونيس، والحماسة الصغرى لعبدالله الطيب، وأدار الجلسة الأستاذ نادر السماني أحمد البدوي الأمين العام لاتحاد الكتاب السودانيين.
شهدت الأوراق نقاشاً مستفيضا حول الأوراق العلمية التي قدمت خلال اليوم، وحمل النقاش طابعا من الاريحية والمدارسة حول الأوراق العلمية وحققت ما يهدف إليه الملتقى من أهداف للإسهام في نقد الشعر السوداني وخلص اليوم الافتتاحي الأول لأعمال الملتقى بتوزيع الشهادات للمشاركين من الباحثين مقدمي الأوراق، ومديرو الجسات النقدية حيث قدمها مدير بيت الشعر الدكتور الصديق عمر الصديق، ورئيسة اللجنة العلمية للملتقى الدكتوره هالة أبا يزيد بسطان وستبدأ جلسات اليوم الثاني صبيحة الغد عند العاشرة صباحاً وتقدم ثلاثة جلسات تحوي الأوراق والشهادات والإفادات لكبار الشعراء، كما شهد الملتقى صدور الكتاب النقدي الأول. وهي أوراق نقدية حوت بحوث الدورتين السابقتين من الملتقى.