أكد أمين جهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج الأستاذ مكين حامد تيراب أنه سيقوم بزيارة الرياض بعد أسبوعين، وتعدّ هي الأولى الرسمية له منذ توليه قيادة شؤون المغتربين قبل بضعة أشهر.
ولست بصدد إلقاء الضوء على ما دار في لقائه أمس (3 أكتوبر 2020م) باللجنة التنفيذية لجمعية الصحفيين السودانيين في السعودية، وبعض أعضاء وعضوات لجنة المبادرات، لأن ذلك شأن رفاق آخرين.
ولكن وددت أن ينطلق العمل منذ الآن للتحضير للقائه المقبل في ورشة عمل حول ما جرى تداوله في الاجتماع، إلى جانب طرح كل ما يتعلق بهموم المغتربين على طاولة البحث والدراسة والتمحيص.
ويبدو من المهم الإعداد والتجهيز إنجاح مهمته، لتتجاوز مجرد اللقاء مع منظمات العمل المدني في دول الخليج العربية، وتأدية الواجب الذي قام به سابقوه، ولم يجن منه المغتربون ثمرة واحدة.
كما أنني لست مدافعاً عن تيراب؛ بوصفه ابن الرياض والملتقى السوداني؛ لأن مثل ذلك السلاح حمله من قبلي آخرون، ولم يشفع لكرار التهامي ابن الرياض والمؤتمر الوطني.
الرجلان تقلدا المنصب ذاته الذي ما زالت تكبله ذات قوانينه بقيود لا تسمح لربانه سوى ما يحدث من مقاومة متساوية في لعبة “جر الحبل”، ولكن الفارق أن تيراب صارحنا بتلك القيود؛ محاولاً جاداً أن يفك شفرتها.
ولكننا بصدد التجديف للمركب الذي شاءت أقدارنا أن نمضي فيه شبابنا، ولا نكاد نهتدي إلى أين تسوقه الرياح. وهذه المرة لن ننتظر الربان كي يحدثنا عن نبوءة والده أو رؤية جاءته بعد استخارة، بل عزمنا العقد بأنه طالما أن السفينة تحمل أكبر شريحة مجتمعية واقتصادية ومعرفية في تاريخ السودان، فإننا يجب أن نتولى التجديف، ونعبر بها من خلال عدة خطوات تبدأ بترقية ما يسمى بجهاز تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج الذي أنشئ في عام 1979م، وكان أول منظمة من نوعها في أفريقيا إلى وزارة شؤون المهاجرين وشؤون السودانيين في الخارج.
تتيح ترقية الجهاز إلى وزارة قطعاً لربان السفينة أن يحدد مسارها لتلبية مطالب المهاجرين والمغتربين، ومطالب الوطن في آن واحد من جهة، ومن جهة أخرى وضع حد “للفاولات” التي يرتكبها مسؤولو الضرائب والجمارك والمصارف والتعليم، خاصة أنه لم يجر تعيين رجل “راية” أصلاً.
وزارة للمهاجرين والمغتربين ستمكننا لأول مرة من التفكير -إن لم ينته الشوط الثاني الإضافي بهذه الهزيمة الماثلة أمامنا – في تحويل اليأس إلى أمل؛ عطفاً على الإمكانات المهولة المالية والمعرفية والعددية التي جعلت دولاً كثيرة سبقناها في هذا المجال من أن تتصدى وزارات مغتربيها لتحقيق طفرات تنموية مشهودة، من خلال استغلال تحويلات أبنائها وبناتها من الخارج، والهند واثيوبيا ومصر أمثلة.
يتعين علينا أن ننسى أن مكين حامد تيراب هو ابن الرياض، ومثل هذا العبث العاطفي، ونتذكر أن الرجل هو قائد سفينتنا التي حجزنا فيها مقاعدنا ما بين ديسمبر 2018 وابريل 2019م، وأن الفرصة تتاح لنا لأول مرة لنكون شركاء في التغيير ثم البناء.
يعمل الرجل ي الآن لفك قيود جهاز “تكبيل” المغتربين، وهي مهمة لن يقدر عليها في رأيي إذا انتظرناه ليقوم بها وحده ومن معه في الداخل، بل لا بد من دور لأصحاب المصلحة الحقيقية في الخارج أن يقوموا به.
ويبدأ هذا الدور في تقديري بعمل لوبي قوي للارتقاء بالجهاز “الهامد الآن”، الى وزارة قادرة على تفعيل المهمة ذات الثلاث شعب، وهي أولاً تحقيق مطالب المغتربين المزمنة المعروفة، وليس هذا مكان تفصيلها. وثانياً ضخ تحويلات المغتربين كافة عبر القنوات الرسمية بما يقدر له أكثر من خمسة مليارات دولار سنوياً، وثالثاً تحقيق الرسالة التاريخية نحو توثيق صور مثلى للسودان البلد، والسودان الانسان الجديد لعكسها على مرآة الجيل الذي تم تغييبه ثلاثين عاماً حتى عادوا لا يعرفون شيئاً عن منتجات سابقي العهد الكيزاني من جهة، وعلى مرآة العالم الخارجي الذي ظل يرى السودان في شكل دارفور البائسة، وحقوق الانسان المهضومة طوال ثلاثة عقود.
كما سيغطي الجزء الآخر من الرسالة توثيق الإنجازات غير المرئية التي حققها السودانيون في الخارج لجهة الدول المضيفة، وهي كثيرة لا شك، إضافة إلى توثيق القدر الكبير من القضاء على ملامح العنصرية والعرقية والجهوية التي تخلص منها السودانيون في الاغتراب، فانداحوا يتبادلون اللقاءات والمجاملات، ويدخلون البيوت من أبوابها، ويسافرون ويتركون الأسر في عهدة الجيران والأصدقاء، ويتوجون ذلك بالتزاوج والتصاهر والنسب الذي أساسه إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.
نريد إذا جاءنا مكين حامد تيراب بعد أسبوعين أو أكثر نكون نحن في جمعية الصحفيين السودانيين من أعد البرنامج، ليس فقط من الناحية المراسمية، ولكن لجهة تحديد وإصابة الهدف، أو بعض الأهداف من الرحلة.
أنا شخصياً لست مستعجلاً حضوره ما لم يكن قد أحرز انفراجة مشهودة في بعض مطالب المغتربين المزمنة؛ لأن تحقيق بعض المطالب سيجعل ما تبقى من مهمتنا ممكناً، والعكس صحيح أيضاً فمجيء تيراب إلى الرياض في زيارة مفتوحة للمغتربين دون تحقيق شيء يذكر سيعقد علينا الأمر، ويجعلنا بوقاً لمسؤول دولة؛ لمجرد أنه من منتجات المدينة التي نقيم بها، وهذا لعمري ليس ديدن هذه الجمعية.
ما زلنا نود أن ننتهز فرصة حدوث(انفراجة) breakthrough في أي من ملفات الجمارك أو الضرائب أو التعليم لندشن حملة الدعوة إلى ترقية الجهاز إلى وزارة، وذلك بإعلانها في لقاء مفتوح يجمع الأمين العام مع المغتربين في حوش السفارة مثلاً، ومن ثم الدعوة إلى جمع أصوات مليونية عبر الوسائط الحديثة، والدفع بها إلى منضدة مجلس الوزراء كبطاقة ضغط لاتخاذ القرار التاريخي الذي يحررنا من ربقة من يرانا بقرة حلوباً، ثم لا يسقينا ولا يرعانا.