الشعب السوداني لم ينس بعد ما فعله الإنقاذيون بوطنهم، ويعرف أنه يخوض معركة أن يكون أو لا يكون..
يتساءل ضياء الدين بلال أحد أركان النظام البائد عما إذا كان أي شخص يستطيع تحديد ملامح الحكومة الانتقالية، ويقصد حكومة الثورة… يقوم بذلك وهو أحد أركان نظام ظل يحكم بالحديد والنار لمدة 30 عاما وزيادة. يتحدث عن المشروع الحضاري وأسلمة المجتمع، وانتهى بالوطن إلى بيعه في المزاد العالمي بأبخس الاثمان.
عكف ضياء يلمع في صورة نظام ظل يبيع الوطن أرضه قطعة قطعة، وشبراً شبراً، ومياهه قطرة قطرة حتى عطش من في الوطن جميعاً إلا مزينو الباطل وأهل الباطل.
ونحن نسأل الأستاذ ضياء الذي يجد حرية كاملة فيما يقول ويكتب ولا يعترضه أحد بينما دفع غيره إبان حكم الانقاذ الثمن غاليا مقابل اي تعبير عن الرأي..
نسأل ضياء بعد كل هذه السنوات الطويلة من الانفراد بالسلطة: هل بإمكانك ان توضح لنا ملامح ذاك المشروع الحضاري والإسلامي في السودان الذي كان عنواناً للإنقاذ؟
هل بإمكان الأستاذ ضياء أن يوضح للشعب السوداني ما هو الذي أراده نظام الانقاذ من ذاك المشروع الذي زلزل أركان الدولة السودانية، وفكك بنيتها السياسية والاقتصادية؟
ما ملامح الدولة التي كان يريدها نظام الإنقاذ وقدم الجنوب قرباناً له؟ ما ملامح الدولة التي أعلن الانقاذ من أجله جنوب الوطن بل كل أنحاء الوطن ساحة للجهاد والحروب؟
هل كان المشروع المسمى حضارياً يحمل أي بارقة أمل للبشرية او العالم أجمع؟ لماذا لم يقدم كل شيوخ الإسلام السياسي الذي جمعهم الإنقاذ من مشارق الأرض ومغاربها عرباً وأفغان عرب فكراً إسلامياً في السياسة والاقتصاد يكون بديلاً للديمقراطية الغربية والاشتراكية الشرقية على الرغم من تلك الشعارات الداوية: لا شرقية ولا غربية إسلامية مية المية!!
أستاذ ضياء: هل نسيت أم تناسيت تلك الشعارات التي دفع السودان وما زال يدفع مقابلها العزلة عن المجتمع الدولي والحصار والتخلف الاقتصادي؟…ثم تأتي لتحاكم حكومة انتقالية بالكاد تكمل عامها الأول.. حكومة تحاصرها دولة التمكين وشركاء التمكين الاقليميون الذي وجدوا في السودان سلطة فاسدة تبيع لهم كل شئ: الأرض الزراعية البكر، والمياه، وأساطيل نقلها البحري والجوي والنهري وحتى رجالها؟
نعم الحكومة الانتقالية تائهة ولكن هناك سبب… كما سمعت اليوم من رجل مسن يتحدث عن واقع السودان: (الجماعة ويقصد الكيزان تركوا السودان مثل تلة رمل هشة في مواجهة تيار جارف.. تسد في مكان ثم تندفع إليك المياه من ناحية أخرى).
أستاذ ضياء نظام الانقاذ الذي كنت أنت احد أركان إعلامه ولا تزال، ما ترك شيئاّ …لقد تم تدمير كل شئ ببراعة: الاقتصاد والتاريخ والجغرافيا… وحتى الإنسان أعاده للقبلية البغيضة، والآن أهل الإنقاذ في غاية السعادة أمام هذا النزيف في اقتتال يقترب أن يكون حروباً أهلية… هنيئاً لأهل الإنقاذ وهم يستمتعون بهذا الخراب الوطني… وصبراً أهل السودان، فإن موعدكم وطن عرضه كل أفريقيا والعالم.. نعرف أخطاء المرحلة، ولكن من أشعل الثورة لن يترك الوطن يخوض وحيداً معركة البقاء.. معركة أن يكون أو لا يكون…وإن غداً لناظره قريب.
محمود عابدين