تناول منتدى مركز راشد دياب للفنون الدوري برعاية شركة سكر كنانة المحدودة قضية “معضلة الاقتصاد السوداني”، تحدث حولها كل من البروفسير محمد شيخون، والمهندس عادل خلف الله، ودار جلسة النقاش الاعلامي عارف حمدان، وذلك في يوم الأربعاء (14 أكتوبر 2020م) وسط حضور كبير من المهتمين.
قدم البروفيسور محمد شيخون
وصفاً وتحليلاً لأهم المعضلات التي تواجه الاقتصاد السوداني، وتناول في هذا الصدد
ثلاث قضايا أساسية، وهي: الأزمة النقدية الوطنية، والمديونية، والفجوة الكبيرة بين
الايرادات والصادرات.
وقال: “إن السياسة
الاقتصادية تؤدي دوراً بارزاً في التحكم في النقود الوطنية أو الكتلة النقدية
الوطنية، وأوضح أن الاقتصاد السوداني يفتقد أهم عنصرين أساسيين في الحراك
الاقتصادي، وهما الادخار والاستثمار.
ويرى شيخون أن “80% من
السكان يصرفون أموالهم في احتياجات الحياة اليومية”، مشيراً إلى أن الكتلة
النقدية الوطنية في السودان تعاني من عدم القدرة على الادخار والاستثمار بمعنى أن 90%
من الأموال لم تدخل في عجلة الاقتصاد السوداني، وأن كمية الكتلة النقدبة كبير جداً
ولكنها للأسف مخزنة خارج النظام المصرفي، وأكد أن بنك السودان ووزارة المالية
ومجلس الوزراء هم الجهات المناط بها التحكم في إدارة السياسة الاقتصادية في
السودان.
وتوقف شيخون عند صادرات
وواردات السودان وعلاقتها بالميزان التجاري، وكشف أن صادرات السودان تقدر بنحو 4
مليارات دولار، بينما تقدر الواردات ما بين 9 ـ 10 مليارات دولار، وأن عائدات
البترول والذهب لم يدخلا في الميزانية طوال فترة حكم الإنقاذ، وذهب إلى أن تغطية
الفجوة الاقتصادية لا تتم إلا عبر التركيز في صادرات المنتجات المحلية.
أوضح أن الانقاذ سعت إلى
هدم الاقتصاد السوداني باستخدام سياسة خصخصة المؤسسات الوطنية بصورة واسعة، فاتجهت
الى بيع الخطوط البحرية، والتخلي عن السكة حديد، والخطوط الجوية السودانية بوصفها
أهم الناقلات الوطنية في البلاد، وكذلك توقف البروفسير شيخون عند عدد من مؤسسات
القطاع العام التي جنى عليها نظام الإنقاذ السابق، ولحقتها سياسة الخصخصة، من
بينها: شركة الأقطان السودانية، وصادر القطن والصمغ العربي، وكذلك صادر الماشية
واللحوم.
وفيما بتعلق بالحلول للأزمة الاقتصادية، طالب البروفيسور محمد
شيخون بضرورة إعادة بناء مؤسسات القطاع العام، مثل: السكة حديد والخطوط الجوية
السودانية ومشروع الجزيرة، وغيرها من المؤسسات الداعمة لهذا الاقتصاد، وربط هذا
الإصلاح الاقتصادي بأهمية توافر الإرادة السياسية، وقوة اتخاذ القرار، وسياسة
تغيير المنهج.
ويرى المهندس عادل خلف
الله أن معضلة الاقتصاد السودني هي واحدة من المعضلات المعقدة جداً خاصة في ظل
النظام الرأسمالي الجديد، وقال: “إن الاقتصاد السوداني يعاني من عدم توازن في
النمو، وعدم توازن الايرادات مع الصادرات، ويرى أن هذا انعكس بصورة واسعة على نسبة
البطالة، وارتفعت كذلك حدة الفقر، مع زيادة نسبة التضخم إلى 200% في شهر سبتمبر
الماضي، وبالتالي هذا كله أدى إلى تدهور كبير في القوة الشرائية.
وربط خلف الله هذه
المعضلات بارتباط قوة الجنيه السوداني المستمدة من الذهب، إضافة إلى تخفيض قيمة
الجنيه في العام 1973م، إلى جانب تعدد أسعار الصرف.
وتوقف عند عدد من مقدرات
الاقتصاد السوداني، لافتاً إلى تعدد موارده وثرواته الطبيعية والبشرية، وقال:
“إن السودان نال بموجب اتفاقية الحكم الثنائي لقب عضو في صندوق النقد الدولي،
وكان من أبرز عشر دول ممولة لهذا الصندوق حتى شهر فبراير من العام 1978م “.
وخلص خلف الله إلى أن هذه المهددات دفعت صندوق النقد الدولي إلى وضع
شروط صعبة جداً لإنقاذ الاقتصاد السوداني، وإجراء إصلاحات هيكلية فيه، من بينها:
تحييد الدولة.
وأقر بأن فصل الشمال عن
الجنوب وتطبيق سياسة التحرير الاقتصادي هما من أصعب المشكلات والازمات التي واجهت
هذا الاقتصاد، وللخروج من المعضلة الاقتصادية طالب خلف الله بأهمية وضرورة إعادة
تأهيل المؤسسات الرأسمالية الوطنية وتشغيلها، وبالتالي دعم التعليم والصحة، إلى جانب
أن تعيد الحكومة النظر في سياسة التحرير الاقتصادي، وأن تبدأ بسياسات تقشفية من
داخل الحكومة نفسها.
وتطرق الدكتور راشد دياب في كلمته إلى موضوع الثقافة وأهميتها،
وكيف أنها تدفع عجلة الاقتصاد السوداني إلى الإمام، وقال: “بالضرورة أن يكون
السياسي رجلاً مثقفاً من الدرجة الأولى”، وحرض الدكتور راشد على احترام ومفهوم
الابتكار والتجديد والخلق.
وفي ختام الأمسية تغنى
الفنان المطرب محمد زمراوي بعدد من أغنيات الفنان الراحل أحمد الجابري.