سبقني (بما ليس عليه من مزيد) قلمٌ حصيفٌ (فطن وسيم) في التعليق على مطالبة (صاحب كتائب الظل) بالعدالة… ولكن لا أريد أن يفوتني (التبرّك) بنيل ثواب دمغ الباطل (متى ما تيسّر) وإيقاظ أو تنبيه الذاكرة الشعبية وإشعال النار في أطراف شالات الإنقاذ.. وكشف محاولات التنكّر للماضي القريب والحقائق الماثلة وصحائف الاتهام الشاخصة والجرائم التي لا تسقط بالتقادم، والفوادح التي عاشها الناس في أيام القتل والترويع التي وصلت إلى مرحلة أن يبحث اجتماع مشهود للإنقاذيين (طلب الموافقة) على إزهاق أرواح عناصر الإنقاذيين الذي كلفتهم الإنقاذ نفسها باغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.. ولعل حديثنا هنا يكون من باب (صحو الذكرى المنسية)..!!
وهنا لا بد من وقفة للتأمل في حالة غريبة في دنيا البشر حتى في أسوأ عصور العالم ظلاماً وفي أبلغ حالات العلل النفسية والسقوط السحيق وفي أشد حالات الطغيان وأكثر ليالي القهر حلكة.. إنها حالة من (الشر المحض) التي لا يخالطه مشاش من رحمة…! نقصد التصفية المنهجية القصدية لعناصر تابعة للإنقاذ بعد فشل محاولة اغتيال الرئيس المصري.. ولا نقدم هنا بالدرجة الأولى غير شهادة زعيم الإنقاذ ورئيس الجماعة الذي أعلن بنفسه للعالم عبر شاشات التلفزيون تفاصيل ذلك الاجتماع الذي كان هو نفسه من شهوده.. وأكد بما لا يدع مجالاً للشك هذه الواقعة وأشار إلى الذين أمروا بها ..هذا بالرغم من الذي يعرفه الناس وما شاهده بعضهم جهاراً نهاراً من تصفيات.. فلم يكن الأمر سراً.. (ما رأي كتبة الفلول؟) فهذا ما قاله الترابي.. وبزعمه إن هذا هذه العملية الخطيرة تمّت بغير علمه ..فمن شاء فليصدق ومن شاء فليقل إن الشيخ يكذب.. فهو حديث مسجّل ومرئي ومسموع وليس من ادعاءات (معارضة الفنادق) و(المُرجفين في المدينة)..! هذه هي الواقعة التي يطالب إبطالها الآن بالعدالة.. وهي واقعة اشتملت على (عدة وقائع) مفارقة بالجملة لأدني المعايير البشرية ولا نقول الإنسانية…! وأسوأ ما فيها أن اغتيال هذه العناصر لم يكن خوفاً على الوطن ولا الشعب.. إنما خوفاً على الذين أمروا بالاغتيال ودبّروا له.
إذن لا بد من قتل (هؤلاء المأمورين) حفاظاً على رقاب الآمرين..! وهنا تكمن البشاعة التي لا حدود لقاعها..لأن أمر الاغتيال ليس قرار دولة إنما كان مؤامرة خارج الدولة من أشخاص (في هيئة عصابة) لا يبالون بما يجرّه على البلاد تدبير اغتيال رئيس دولة أخرى (في دولة ثالثة) نجح الاغتيال أم فشل..! ونترك لأهل السياسة رصد الثمن الذي دفعه السودان بعد فشل المحاولة..! ويقول الرصد الشعبي إن الاغتيالات التي تمّ بعضها في الشارع العام وبعضها خفية وبعضها خارج السودان شملت (مواطنين آخرين) رمتهم الأقدار في طريق هذه المؤامرة أو في (خط سيرها) بالصدفة المحضة ولا علاقة لهم بها من قريب أو بعيد.. فذهبت أرواحهم البريئة إلي بارئها بغير جريرة..!!
هذه حادثة واحدة من جرائم الذين يطالبون الآن بالعدالة ويطالب أهلهم وفلولهم بإطلاق سراحهم.. وقبل شهور قليلة خرج احدهم على عجل إلى التلفزيون ليهدد الشعب كله بالموت وبأن هناك (كتائب في الظل) خارج الجيش والقوات النظامية.. سوف تسحق كل من يلمس شعرة من نظام الإنقاذ.. وكل هذه وتلك قطرات من بحر جرائم لا بد أن يصل القضاء إليها.. وحتى إذا سكت عنها أولياء الدم فهناك (الحق العام)…وبذلك تتحقق أمنية كل المطالبين بالعدالة..(بما فيهم قيادات الإنقاذ) الذين يقتلون مئات الآلاف ويحرقون القرى ويحصدون الناس في الشوارع ويسرقون الدولة.. ثم يأتون إلى المحاكم (في كامل زينتهم) ليطالبوا بالعدالة وأياديهم ملطخة بالدماء..!!