استهل السفير محمد الياس الحاج سفير السودان الجديد نشاطه الإعلامي بعد تقديم أوراق اعتماده للرئيس السيسي، بأن خص الأهرام بأول حوار عن العلاقات السودانية المصرية، أكد فيه على أن البلدين تجمعهما روابط ووشائج كثيرة، وأهم ما فيها أن تكون تلك الروابط وسيلة وليست غاية في حد ذاتها، فالإخوة والصلات والروابط يجب أن تساعدنا من أجل بناء مشاريع مشتركة وشراكات بين الأشقاء، واستهل السفير حديثه بالقول” إن مهمتي كسفير للسودان في مصر خلال الفترة القادمة تتركز في توسيع مسارات العلاقات وتعميقها.. بمعنى استحداث مجالات ذات صلة بأولويات سياسية للحكومة الانتقالية خلال الفترة القادمة، وأيضا في الوقت ذاته تستجيب لانشغالات مصر وأولوياتها في علاقاتها بالسودان.”
واستعرض السفير السوداني ملامح من العلاقات الخاصة المصرية السودانية فقال” السودان وجد السند والدعم من مصر منذ اليوم الأول بعد سقوط حكم نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، وساندت مصر السودان في الاتحاد الأفريقي، وطوال مسيرة الحكومة الانتقالية ..ووجدنا كل الدعم والمساندة من مصر للسودان في مواجهة جائحة كورونا ..وكارثة السيول والأمطار والفيضانات والتداعيات الحالية لها، فالفرق الطبية المصرية انتشرت في السودان تفحص مصابي الثورة السودانية لعلاجهم سواء في مستشفيات مصر أو في المستشفيات السودانية، وكذلك هناك فريق طبي لمعالجة الأمراض الوبائية في الإقليم الشمالي، وهو يتحرك الآن من شمال السودان جنوبا.
كل هذه الأعمال الجليلة تتم بتوجيهات وإشراف من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.”
وعن التحديات التي تحيط بالعلاقات المصرية السودانية قال السفير الياس” البلدان يواجهان تحديا ت كثيرة في المرحلة الحالية، وهي تحديات داخلية في كل بلد تختلف في نوعها وطبيعتها عن البلد الآخر، وكذا تحديات خارجية في البيئة المحيطة بهما، وتلك التحديات لا يمكن بأي حال من الأحوال التقليل من شأنها، ذلك لصلتها بالأمن القومي للبلدين، ومنها تحديات في الشقيقة ليبيا وفي البحر الأحمر، والخلافات القائمة في قضية مياه النيل..”
وأشار السفير السوداني إلى الاهتمام الذي يوليه الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العلاقات المصرية السودانية فقال” التقيت السيد الرئيس السيسي عندما قدمت لسيادته أوراق اعتمادي، وكان اللقاء الثاني عند افتتاح معرض الصناعات الصغيرة والمعرض التراثي في القاهرة، وكان جناح السودان هو أول ما تفقده السيد الرئيس السيسي، وكان السودان هو الدولة الوحيدة المشاركة في المعرض، والتي منحت مكانة ضيف الشرف، ووضع الجناح السوداني في مكان مميز في واجهة المعرض، وشرفنا الرئيس السيسي بزيارته وحديثه، ونحن فخورون بأننا منحنا هذا التكريم.” وأردف يقول” نشعر أن السودان هو أولوية في سياسة مصر الخارجية ونعمل من جانبنا لكي نجاري قوة الدفع المصرية والرغبة والإرادة المصرية للعمل المشترك، فمصر هي المبادرة في كثير من الأشياء وفي كثير من الدعم.”
وأشاد سفير السودان بالاهتمام الوزاري المصري بالسودان قائلاً” التواصل بين البلدين مهم، والزيارات ضرورية، فقد زار رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي السودان مرتين، كما زارت وزيرة الصحة السودان ثلاث مرات، برفقتها العديد من الأطباء وكميات من الأدوية ومبيدات الحشرات الناقلة ومطهرات البيئة، وخاضت وزيرة الصحة المصرية في الأمطار والسيول والفيضانات، وكان ذلك المشهد للوزيرة رسالة إيجابية وأفضل نموذج يجسد امام أعيننا الدعم والعون المصري. “
وعن العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين مصر والسودان قال السفير” هناك إرادة سياسية قوية واقتصادية تتشكل بين البلدين لمواجهة التحديات، وهناك عزيمة قوية للعمل المشترك في هذه المرحلة، فهناك مشاريع استراتيجية حقيقة خاصة في البنى التحتية، كالطرق البرية والسكك الحديد وإمدادات الكهرباء المصرية للسودان ومشارع النقل النهري، كما أن هناك مشروع لإقامة مدينة صناعية مصرية كبيرة في منطقة الجيلي بولاية الخرطوم، ولدينا العديد من المشاريع والاتفاقيات في جميع المجالات، وهناك اتفاق على تأسيس شركة قابضة في مجال الأدوية، وتم الاتفاق وتنفيذ تبادل تجاري كبير جدا في مجال تجارة اللحوم، وستشهد الفترة القصيرة القادمة تنشيط وتفعيل هذه الاتفاقيات والبروتوكولات، فهناك توجيهات من قيادة البلدين بضرورة وأهمية تنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه، بما يعكس الصلات والعلاقات التاريخية بين البلدين إلى أرض الواقع، وأرجو خلال الفترة القادمة أن تتحول كل تلك المشاريع إلى واقع فعلي يعكس أزلية وقوة الروابط بين البلدين والشعبين الشقيقين، وسأعمل بالتعاون مع الجانب المصري على تعميق العلاقات حتى تصبح علاقات شعبية يشعر بها الشعبان، في مجالات الثقافة والفنون والرياضة والفنون، حيث أن هذه الروابط هي التي تجسد معاني الحضارة والثقافة والإرث المشترك بين البلدين، وهو جانب مهمة للغاية في دفع العلاقات بين الشعبين.”
وعن اتفاق السلام السوداني الذي تم توقيعه بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في جوبا في الثالث من الشهر الجاري، قال السفير السوداني” أعتقد أن الإرادة التي جمعت مختلف الاطياف السودانية وأوصلتهم لهذا الاتفاق، هي ذات الإرادة التي ستقودهم إلى تنفيذ الاتفاق والالتزام به، إن الاتفاق تم برعاية وشهود الدول الشقيقة والصديقة، وسيظل الدعم السياسي والتضامن مع السودان ضروري ومهم حيث أن تنفيذ الاتفاق يتطلب قدرات الاقتصادية، ولن يتم تنفيذ اتفاق السلام بالدعوات والتمني، وإنما يتطلب تنفيذه الاتفاق 7.5 مليار دولار وفق بعض التقديرات في الفترة الانتقالية المحددة ب39 شهرا، فهناك العديد من العمليات التي يجب القيام بها كمشروعات التنمية والتعويضات والمساعدات وعمليات الدمج.”
وعن دور مصر في تنفيذ اتفاق السلام قال ” مصر يمكن أن تلعب دورا كبيرا في دعم تنفيذ اتفاق السلام السوداني، فكثيرا ما تبنت القاهرة مبادرات لدعم السودان، ونحن في الواقع نحتاج إلى مبادرة لإنهاء العقوبات التي نعاني منها، والمساهمة لدفع التعاون الدولي مع السودان، ومؤخرا كان وزير الخارجية سامح شكري أول من تحدث في اجتماع وزرا ء الخارجية العرب أن مصر تتقدم بقرار من أجل دعم السودان في مواجهة أزمة السيول والفيضانات، ومناشدة المجتمع الدولي والإقليمي لمساعدة السودان في كارثة السيول والفيضانات.
وعن رسالته للشعب المصري قال” أقول للشعب المصري إن العلاقة بين بلدينا عميقة وإن السودان بلدكم، ونأمل أن يظل الشعب المصري على الدوام كما هو مضيافا لأشقائه في السودان الذين يأتون لمصر من أجل العلم والصحة والتجارة، لأن السودانيين يتحركون تاريخيا تجاه مصر، ونأمل أن يستمر التواصل بين شعبينا الشقيقين، كما هو الحال بين القيادات السياسية العليا. “
أما عن رسالته للجالية السودانية في مصر قال ” السفارة السودانية في مصر هي بيت السودان وأبوابها مفتوحة لكل طوائف وأبناء السودان، إن الإشكالية التي ترتبت على جائحة كورونا ترتب عليها ظروفا قاسية وغير مسبوقة ومفاجئة، ولم يكن هناك استعداد لمواجهتها، واضطر المواطنون السودانيين البقاء في أماكنهم، وأعتقد أن إخواني الذين سبقوني في المسئولية بالسفارة أداروا الأزمة بكفاءة، واعظم ما تم أنه كان هناك تكافلا سودانيا حقيقيا، وتكامل أدوار بين السفارة السودانية والقائم بالأعمال والمجلس الأعلى للجالية ورجال الأعمال السودانيين والجمعيات الأهلية المصرية وفاعلي الخير، واستطاعوا معالجة أزمة العالقين.