لست من أنصار الإفراط في التفاؤل ولا في الإفراط في التشاؤم لأن السودان مازال في مرحلة انتقالية من النظام الشمولي الذي جثم على صدر الشعب ثلاثين عاماً إلى رحاب الحكم المدني الديمقراطي الذي لم يتحقق بعد.
صحيح انتصرت الإرادة الشعبية وأحدثت التغيير المنشود في نظام الحكم لكن مازالت خطوات تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية تتعثر نتيجة لعوامل موروثة وعوامل مستحدثة تتحمل فيها قيادة الثورة الشعبية مسؤولية التقصير والبطء في التنفيذ.
إن ضعف الأداء التنفيذي للحكومة الانتقالية يتطلب الإسراع بمعالجة الاختلالات الاقتصادية والاختناقات المعيشية واستكمال عملية السلام التي دخلت في مرحلة متقدمة بإتفاق جوبا مع الجبهة الثورية دون استعجال قطف ثماره على نهج المحاصصة والمكاسب الذاتية.
لذلك أيضاً لا ينبغي الإفراط في التفاؤل بخطوة رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب التي تأخرت كثيراً بلامبرر، ومازالت تحتاج لدفع الإدارة الامريكية والأسرة الدولية لرفع العقوبات الإقتصادية المفروضة على السودان وإعفائه من الديون وتفعيل توصيات وقرارات المؤتمرات الدولية الإقليمية التي عقدت مؤخراً لدعم سودان الديمقراطية والسلام.
نتفق مع رئيس وزراء الحكومة الانتقالية الدكتور عبدالله حمدوك بأن خطوة رفع اسم السودان قائمة الدول الراعية للإرهاب تفتح الباب واسعاً أمام السودان لتأكيد عودته المستحقة للمجتمع الدولي والمساعدة في معالجة اثار التركة المثقلة المروثة من النظام المباد، وفتح الباب أمام الاستثمارات الإقليمية والدولية.
نعلم أن التحديات أمام الحكومة الانتقالية كثيرة لكننا نؤمن بأن خطوة المليون ميل تبدأ بخطوة واحدة، ومع كل خطوة لابد من التحرك الفاعل نحو الخطوة التالية مع الإسراع بتنفيذ برنامج الإسعاف الإقتصادي على أسس جديدة توفق بين التزام السودان بتعهداته الدولية وبين استحقاقات المواطنين لرفع المعاناة المعيشية عن كاهلهم، مع التخطيط المدروس للانتقال عملياً إلى سودان السلام والديمقراطية ووضع الأسس الراسخة لتحقيق النهضة التنموية والحكم المدني الديمقراطي.