ولد خـضـر رحمة الله اليـاس عمر، المشهور بخـضـر الحــاوي، في العـام ١٨٩٨م. في أم درمان بحي الرباطاب في البوستة جنوب . أستشهد والده في موقعة كرري. تعود جذوره إلى الشريك بالشمالية وينتمي إلى قبيلة الرباطاب التي اشتهر أهلها بالبديهة الحاضرة والذكاء الفطري. لم يتلق تعليماً نظامياً ولكنه كان شغوفاً بالعلم، ولذلك علّم نفسه بنفسه.
كان خضر في الخمسينيات يسافر إلى الهند في عدة رحلات بغرض التجارة وجلب البخور، وكل ما له علاقة بالعطارة على نسق أعمامه أصحاب محلات (التيمان)، والتي صارت معلماً بسوق أم درمان ثم انتشرت فروعها في أم درمان. في واحدة من تلك الرحلات مكث في الهند سبعة أعوام تعلّم خلالها فنون الألعاب السحرية وعاد حاوياً خارقاً في أواخر الخمسينيات ليصبح الحاوي الوحيد في السودان.
احتفت العاصمة بحفلاته التي يقيمها لعروض الحواة وقدّم عروضاً أفرحت الناس وأدخلت البهجة في النفوس. في بداية الاستقلال شاهده الزعيم إسماعيل الأزهري وهو يقوم بتقديم ألعابه السحرية البارعة فأعجب به وأصدر توجيهات بأن يطوف الحاوي على المدارس في كل أقاليم السودان لتقديم عروضه التي كانت تجلب السعادة والترويح للتلاميذ، فطاف على العديد من المدارس الأولية في العاصمة وخارجها.
كان كذلك يقدّم عروضه في حديقة الحيوانات وحديقة المقرن في أيام الأعياد، وساحة ميدان الخليفة أثناء الاحتفال بالمولد النبوي، من عبارته المشهورة (شخـارم بخـارم) .
كان له في ساحة المولد بأم درمان مسرح خشبي ثابت يقدم منه الألعاب السحرية والأراجوز الشهير (مستـر شيـكو) والعزف على آلة الأكورديون، يصحبه في تلك العروض ابناه عبد اللطيف وحسين .
تزوّج خـضـر رحمة الله من آمنة عبد الخالق وله منها أربع بنات وثلاثة أبناء هم : فاروق وعبداللطيف وحسين.
كان يحب الغناء وكان عازفاً على العود والأكورديون وهو الذي علّم أبناءه الموسيقى. من خلال عروضه كان يقدم فواصل موسيقية وكان يحتاج إلى شخص من ضمن الأسرة ليرافقه، فاختار ابنه عبداللطيف فعلّمه العزف وبعض أسرار الحـاوي، الأمر الذي انعكس على ابنه فتقطعت دراسته. لم يرث عبد اللطيف ثروة من والده ولكن ورث منه هواية الموسيقى، وحين احترف المهنة صار الموسيقار حاوياً في استنباط الألحان المؤثرة والمؤنسة فبرز إلينا إنساناً مهذباً وموسيقياً وملحناً بارعاً بألحانه الناجحة التي ساهمت كثيراً في نهضة الأغنية السودانية، الشهيـر بــ : (ود الحــاوي).
لقد كان خـضـر الحــاوي أسطورة من أساطير السودان الثقافية، بل كان رائداً في مجال فنون الترفيه وثقافة الطفل في السودان.
التحية لروحه الطاهرة وستبقى ذكراه العطرة خالدة في كتاب الفن والحداثة والإبداع السوداني الأصيل. رحم الله الحاوي المبدع، خـضـر رحمة الله اليـاس، وأسكنه فسيح الجنّات، والتحية لأبنائه وأحفاده المبدعين.