نظافة الخرطوم اصبحت من الالغاز التي لا تجد لها حلا . منذ سنوات طرحت حلول كثيرة لعلاج هذه المشكلة المزمنة .
والى الخرطوم الحالي رفع شعار نظافة الخرطوم واستبشرنا خيرا وقلنا ربما الوالي المدني يحمل معه حلا سحريا ورأينا برنامجه المطروح ( وبالالوان كمان !!) ولكن الوضع لم يزداد الا سوءا . واكتشفنا انه برنامج اعلامي فقط ولم نلاحظ اي تغييرات حقيقية على ارض الواقع . بل وبكل ثقة استطيع القول ان النظافة في عهد الوالي الحالي هو الاسوأ في تاريخ هذه الولاية المكنوبة .
تراكم النفايات في كل شبر من العاصمة . التراب غطى معظم الشوارع والارصفة بشكل لا يصدقه العقل . مثلا شارع الستين في شرق الخرطوم به ثلاثة مسارات في كل اتجاه التراب غطى ثلث الشارع وتحول الشارع الى مسارين فقط واذا ترك الوضع هكذا بعد اشهر قليلة سنجد ان الشارع قد اختفى تحت اطنان الاتربة والاوساخ .
اين المعضلة في عمليات النظافة ؟؟ في رأيي الشخصي ان المشكلة الاساسية اننا ننتظر من الحكومة ان تقدم لنا كل شيء . الشعب بأكمله لا يهتم بنظافة الشوارع .. بيوتنا من الداخل نظيفة جدا وشوارعنا قذرة جدا .. اذن العيب ليس في تقاعس الحكومة وحدها بل نحن كشعب لا نحترم الشارع مطلقا ولا نهتم بنظافة شوارعنا مثلما نهتم بنظافة منازلنا .
ولكي تصبح الخرطوم عاصمة نظيفة يجب ان يشارك المواطن في النظافة . والمشاركة التي أعنيها ليست تلك الصورة النمطية والتقليدية مثلما فعل الوالي الحالي والولاة الذين سبقوه ( قلاب ومكنسة ويوم نفير وهلمجرا ) هذه طريقة عقيمة ولا تقدم شيئا يذكر الا الهالة الاعلامية التي تصاحب مثل هذه الحملات ويأتي الوالي وهو يحمل مكنسة في يده ايذانا ببدأ الحملة وقص شريط الافتتاح .. والتي تنتهي قبل ان تبدأ وتعود حليمة لعادتها القديمة .
اذا اخذنا مثالا بشارع الستين والذي يعتبر من الشوارع الرئيسية شرق الخرطوم وهو الان من اكثر شوارع الخرطوم اتساخا ومنظره بائس وكئيب .
لماذا لا تجرب ولاية الخرطوم طرح عطاء للشركات لنظافة وتجميل شارع الستين مثالا ويتم تحصيل قيمة العطاء من المحلات التجارية المطلة على هذا الشارع هناك عدد ضخم جدا من الشركات والمغالق والمحلات التجارية الكبيرة والمستشفيات الخاصة والبقالات الكبيرة والمطاعم والصيدليات وانا على ثقة ان هذه المحلات على استعداد ان تدفع مبالغ شهرية مجزية اذا وجدوا شارع نظيفا لان نظافة وصيانة تشجير هذا الشارع يزيد من القيمة التجارية لهذه المحلات .
اضافة لمساهمة اصحاب هذه المحلات التجارية يمكن منح الشركة التي يرسو عليها عطاء نظافة وصيانة هذا الشارع يتم منحها امتياز الاعلانات في نفس الشارع .
اتمنى من ولاية الخرطوم ان تدرس هذه الفكرة وتطورها ويتم التجريب في عدد محدود من الشوارع الرئيسية وبعدها يتم التعميم في كل شوارع الخرطوم .
تصوروا معي مثل هذا المشروع كم يمكنه ان يستوعب من الشباب العاطلين عن العمل في تخصصات مختلفة .. الصيانة .. الزراعة .. الاشراف والمتابعة …الخ هذه الوظائف المرتبطة باعمال نظافة وتجميل وصيانة الشوارع .
ويمكن ان تصنف المحلات على حسب حجمها التجاري ويتم فرض هذه الرسوم بناءا على حجم اعمال هذه المحلات ويمكن تحصيل المبالغ منهم شهريا بعدة طرق مثل اضافة الرسوم الى فاتورة الكهرباء او اي طريقة اخرى مناسبة
ويمكن لولاية الخرطوم ان توظف عددا كبيرا من الخريجين في هذا المجال ليقوموا باعمال الاحصاء الدقيق وتصنيف المحلات التجارية ومن ثم متابعة عمل هذه الشركات .
هذه الفكرة يمكن ان تجد الكثير من التطوير من اهل الاختصاص وربما نجد حلا لمعضلة النظافة في ولاية الخرطوم .
من يستطيع ان يوصل صوتي لوالي الخرطوم عليه ان يفعل ربما نجد اذانا صاغية
والله من وراء القصد