أشعر اليوم بسعادة غامرة بفوز جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة وكامالا هاريس نائبة للرئيس.
تابعنا وقائع انتخابات تاريخية مثيرة ومهمة اسقط فيها الشعب الأميركي (بنسائه وشبابه وشيوخه) دونالد ترمب، الذي لا يستحق (بتصرفاته ولغة خطابه السياسي المضللة ) أن يكون رئيساً لأكبر بلد في العالم ولشعب تعددي عظيم، ولبلد أسس وبنى ديمقراطية عريقة.
سقوط ترمب حدث تاريخي زلزالي، لأن الرئيس المنتهية ولايته قريباً تسبب بسياساته و(لسانه) القبيح ونهجه العنصري في كوارث وتوترات كثيرة في العالم.
الحدث زلالالي، لأن فوز بايدن بخبرته وعقليته وتوازنه (بالمقارنة مع ترمب ولا تجوز المقارنة) سيغير وسيعيد ترتيب الكثير من الملفات والأولويات في العالم.
سودانياً كان ترمب هو عراب (الابتزاز) للشعب السوداني، وقد مارس وادارته سياسات (ابتزاز) للسلطة الانتقالية في السودان، بشأن كيفية رفع اسم السودان من قائمة الارهاب ،وفرض (التطبيع) على سلطة انتقالية رضخت للضغوط، وراهنت على رهانات خاسرة، وهذا يؤكده سقوط ترمب وفوز بايدن .
ترمب أثار متاعب لأقرب حلفائه في أوروبا، ولم يكن مستغرباً ان تهنيء رئيسة المفوضية الأوروبية بايدن قبل اعلان فوزه رسمياً، وهكذا فعلت كندا ودول اوروبية بينها بريطانيا وفرنسا.
فلسطينياً جاء ترمب ب(صفقة القرن) الظالمة، بل اتخذ موقفا عدوانيا ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه العادلة في الحرية والعدالة والسلام، وهو موقف عدائي ضد العرب والمسلمين في (القدس الشرقية)، وضد كل انصار العدالة في العالم.
دعوت الى التظاهر ضد ترمب قبل ثلاث سنوات(٨ ديسمبر ٢٠١٧) في افتتاحية صحيفة التحرير الالكترونية عندما كنت رئيساً للتحرير، وجاءت تحت عنوان (افتحوا أجراء التظاهر ضد ترمب) ( رابط المقال في نهاية هذه السطور).
لم اخف انتقاداتي (فضائيا) لترمب أثناء تفاعلات أزمة (الابتزاز ) التي فرضها على السودانيين، وبتعبير اكثر دقة فرضها على السلطة الانتقالية فاستجابت لارادته وضغوطه وابتزازه .
استجاب للابتزاز رئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان، ومعه قيادات عسكرية في مجلس السيادة، وايضا وافق على صفقة الابتزاز الظالمة رئيس الحكومة الانتقالية المدنية دكتور عبد الله حمدوك وبعض وزراء حكومته (المدنية).
هذه حقائق لا يمكن انكارها، وتؤكدها تحركات وتصريحات، تكشف بدورها بؤس الخيال السياسي…
ما جرى يحمل الكثير من العبر والدروس،ما يتطلب مراجعة السياسات الفاشلة التي جرى تطبيقها بدون احترام لارادة الشعب السوداني ،ولطبيعة التفويض المحدود بأولوياته للفترة الانتقالية.
كوارث ترمب شملت ساحات عدة في العالم، وأهمها الداخل الأميركي، حيث دخل في معارك مع قيادات في المخابرات، ومع الصحافة الأميركية العريقة التي ساهمت في تشكيل رأي عام مناهض لسياسات (الديكتاتورية) الطائشة ..ومع عدد من المؤسسات.
خليجياً كان ترمب وراء أزمة الحصار المفروض على قطر وشعبها منذ أكثر من ثلاث سنوات، وقد كتبت عن ذلك، مشيرا الى تهوره وسياساته الرعناء،وانه يهوى ابرام (الصفقات).
الكرة الآن في ملعب دول خليجية ، لإعادة النظر (من طرفي الأزمة الراهنة) في سياسات أدت الى أزمة من أسوأ الأزمات في تاريخ الخليج.
ترمب استخدم اسلوب الابتزاز السياسي والمالي مع طرفي الأزمة في الخليج، وأعتقد بأن سقوط ترمب سيفتح بابا واسعا لانهاء الحصار المفروض على شعب قطر، لأنني أرى ان بايدن بعقليته ووعيه لن يصب الزيت على النار كما فعل ترمب بسياسات (السمسرة) .
التوقعات ان تتوازن سياسة واشنطن بشأن بعض الملفات (سودانيا وفلسطينيا وخليجيا) واتوقع أيضا ان يرفع بايدن ويلوح لدول خليجية وعربية بورقة الاصلاح السياسي.
أعيد للأذهان ما كان يردده الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما.
في منطقتنا، أرى ان فوز بايدن وسقوط ترمب المدوي والمستحق، يستوجب التعلم من درس الانتخابات الأميركية.
أهم الدروس أن لا تراهن السلطة الانتقالية في السودان ودول خليجية وعربية وغيرها على الاعتماد على هذا الرئيس الأميركي أو ذلك.
الرهان يجب ان يستند الى ارادة الشعوب، هذا هو الرهان الرابح، وحدة الجبهة الداخلية وصلابتها هي صمام الأمان والسند في المحكات الصعبة .
لا عزاء لمن راهنوا على ترمب وخضعوا لابتزازه..
ارادة الشعوب ستنتصر اليوم أو غدا كما انتصرت ارادة الشعب الأميركي بصور رائعة وباهرة .
مبروك الشعب الأميركي.. مبروك جو بايدن.. مبروك كامالا هاريس.
مبروك للشعوب المضطهدة ،المظلومة، الصابرة، القابضة على جمر القضايا العادلة،لأنها لم تنكسر أمام طغيان ترمب واستبداده.
شمس الحرية و التغيير الشامل تصنعها الشعوب.. ولا تمنح ..
محمد المكي أحمد لندن -٧ نوفمبر ٢٠٢٠
رابط مقالي في ديسمبر ٢٠١٧ بعنوان (افتحوا أجواء التظاهر ضد ترمب)