على أي حال .. نبارك لك يا بايدن، فقد رأى فيك شركاؤنا في الإنسانية، الشعب الأمريكي، أنك الأجدر بالرئاسة، ولهم ما يشاؤون ما دامت هذه رغبتهم، فنحن لا ندس أنوفنا في خيارات غيرنا، لأننا لا نريد، بالمثل، أن تدس أمريكا أنفها في شؤوننا .. وهذه بتلك.
أيضا نبارك لكل المحتفين داخليا، بفوز بايدن المستحق، ومنهم من يخاصموننا في السياسة، وما زلنا محتارين في (بواعث) فرحتهم الجامحة، ومع ذلك لا بأس أن نقاسمهم الفرح، فما يجمع بيننا وبينهم أقوى مما يجمع بيننا وبايدن .. لو يعلمون !
نعرف أن الرئيس الأمريكي الجديد لا يضع السودان في هامش اهتماماته ناهيك عن أولوياته، وسيحتاج وقتا لمعرفة موقعنا في خارطة العالم، ولا نلومه، فنحن دولة تكابد لتبقى، وليس لدينا مطامع ضد أحد، ولا ندعي – الآن – أن لدينا مشروعا حضاريا نريد أن نغزو به العالم، ولا يقيم بيننا أسامة بن لادن ولا أيمن الظواهري، وكل همنا أن نعيش في سلام، وأن يحيا شعبنا بلا عقوبات تسرق الحليب من أطفاله وتضن باللقمة على إنسانه وتضغط على اقتصاده .. فتتحول طاقاته إلى صفوف لأجل الضروريات، وتنهزم سلطاته وأمنه واستقراره أمام المعاناة.
سيكون بايدن مشغولا خلال رئاسته بتنفيذ وعوده الانتخابية، هذا أمر نعرفه ونقدره، خصوصا أنه لن يكون، على الأرجح، طامحا لفترة رئاسية ثانية، فللعمر أحكامه، ونعرف أن السودان ليس داخلا في تلك الوعود من قريب أو بعيد، ولذلك فإن غاية طموحنا أن تتركنا أمريكا في حالنا، وأن تزيح ركبتها عن أعناقنا لكي نتنفس.. فلسنا أعداء لها ولا لغيرها .. ولن تكسب واشنطن شيئا جراء معاناة شعب يقبع على آلاف الأميال منها.
نبارك لبايدن، ونبارك لأمريكا الصديقة لا العدو، كما نبارك لأصدقائنا وغرمائنا في الداخل، ونرجو أن لا تكون فرحة (بعضهم) الزائدة هي بسبب التشفي، فلا ترامب كان يدري عنا شيئا، ولا بايدن يدري عنا شيئا .. إلا بما يكتبه موظفو خارجيتهما عن “نقطة” في كوكبنا اسمها السودان.
والحمد لله على كل حال.