يقوم مشكوراً مجموعة من السودانيين الأميركيين بالتناوب بكتابة عمود خاص بالتحرير تحت عنوان ( من بلاد العم سام) بالتناوب يتعلق بالشؤون الامريكية والسودانية، فإلى باكورة هذا العمل:
امريكا مقبلة الى اخطر 74 يوم في تاريخها الحديث. و لكن هذا لن ينقص شيئا من فرح الامريكان اليوم بفوز الرئيس المنتخب بايدن.
فقد فاق الجميع من نومهم يوم السبت 7 نوفمبر و الكل يتوقع ان نتائج الانتخابات لن يتم الاعلان عنها الا في المساء أو اليوم التالي؛ يوم الاحد، و ذلك اخذا بعين الاعتبار تصريحات مسؤولي الفرز في ولاية بنسلفانيا، و بالتحديد في منطقة فلادلفيا.
كانت المفاجأة ان تم إعلان فوز بايدن قبيل منتصف نهار السبت بدقائق من طرف قناة CNN و اسوشيتد برس الامر الذي أدى الى خروج الجماهير بطريقة تلقائية في كل من نيويورك، واشنطن، فلادلفيا، اتلانتا و كل المدن الكبيرة في انحاء امريكا.
حسب التقاليد في هذه الاثناء، يقوم المرشح الخاسر بتهنئة المرشح المنتخب، و بعدها تسير الحياة السياسية كما هي عليه الى حين تنصيب المرشح الفائز رئيسا للولايات المتحدة في 20 يناير 2021. هذه الفترة تسمى Lame Duck.
في الحالة التي نحن فيها الان في انتخابات 2020 سيستمر الرئيس ترمب في قيادة دفة الامور الى يوم تنصيب الرئيس المنتخب بايدن في يناير.
خطورة المرحلة الان لا تكمن في الطريقة التي استقبل بها ترمب و اعوانه خبر خسارته للانتخابات و إعلان فوز بايدن. فالجميع يؤمن في نهاية المطاف ان هنالك نظم للتعامل مع كل مخلفات الحملات الانتخابية من حالة انقسام، و عدم رضا، بل حتى مواقف الرئيس ترمب المخزية في عدم تهنئتة للرئيس المنتخب سيتم تجاوزها في ايام قلائل بعد أن “يسري البنج”.
ما هو خطر في المرحلة المقبلة هو ان الرئيس ترمب سيظل رئيسا للولايات المتحدة الى يوم 20 يناير. خلال هذه الفترة درج رؤساء الولايات المتحدة المغادرون للبيت الابيض على اتخاذ بعض القرارات المثيرة للجدل. من أمثلة ذلك؛ اصدار قرار العفو عن السجناء و لا سيما الاصدقاء منهم. و في هذه الحالة نتوقع ان يصدر الرئيس ترمب قرارات عفو عن كل اعضاء حملته الانتخابية و اصدقائه الذين تمت ادانتهم بعد تحقيقات Muller. و بالطبع قرارات كهذه لا يمكن الرجوع عنها في حال اتخاذها. و حقيقة لا يهمنا الامر فيها كثيرا، و لكن ما هو اسوأ و أهم، ما الذي سيحدث لو تعلقت هذه القرارات بقضايا مصيرية للولايات المتحدة. مثال ذلك التحرش بايران و جر امريكا الى حرب في المنطقة قبل مغادرته للبيت الأبيض. و مثال آخر هو اتخاذ قرار بالغاء DACA و ابعاد المهاجرين الذين يحتمون بهذا القانون. و الامثلة غير هذه كثيرة.
قد يقول قائل ان هذه “بلد مؤسسات” و لن يستطيع الرئيس ترمب فعل شيئ كهذا. و لكن الرد على مثل هذه الاراء المطمئنة هو ان سنوات حكم الرئيس ترمب اثبتت ان السلطة التنفيذية لها مجال واسع و مطاط لم تحدده القوانين بقدر ما انه مجال حفظته التقاليد على مر السنين. و الرئيس ترمب لم يبد احتراما لهذه التقاليد على مدى سنوات حكمه الاربع.
ما ننتظره الان هو كيف ستكون وضعية امريكا تحت سلطة رئيس في قلبه ايمان كامل بان السلطة قد اغتصبت منه، كل مسؤول في الدولة ضده، و ان نتائج الانتخابات شابها كثير من التزوير، و كنتيجة لذلك فهو غير راض عن الدولة باكملها، غاضب من كل الجماهير التي اخرجته من السلطة و بذلك اصبح ثالث رئيس امريكي في العهد الحديث لم ينتخب لدورة ثانية بعد كارتر و بوش الاب. أيامنا حبلى بما ستحمله لنا الاقدار
٢٠٢٠/١١/٨