في أغسطس الماضي وفي مؤتمر صحفي في منبر سونا قال الأستاذ صدقي كبلو عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ( نحن اصلو ما طالعين من تحالف قحت كلو كلو) ثم واصل متهكما ( العايز يطلع .. يطلع ) ، لم تمضي سوى أقل من ثلاثة أشهر وها هو صدقي كبلو وحزبه يخرجون بالباب الواسع من تحالف قوى الحرية والتغيير، في خطوة رغم أنها كانت متوقعة الا انها بنفس القدر تمثل منعرجا مهما من منعرجات الواقع السياسي الراهن في ظل كون قوى الحرية والتغيير هي الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية وان تفكك الحاضنة ليس من مصلحة التغيير ولا من مصلحة التحول الديمقراطي.
الكثيرون توقعوا من قبل خطوة خروج الحزب الشيوعي من تحالف قوى الحرية والتغيير ومن دعم الحكومة، فالحزب لم يكن مستوعبا ولا متماهيا مع حقيقة أنه جزء من تحالف حاكم، وأن الحكم له مسؤليات مختلفة عن مسؤليات المعارضة، وأن المرحلة الراهنة تتطلب ان ينصرف الحزب نحو دعم الحكومة الانتقالية وليس مهاجمتها في كل صغيرة وكبيرة، إذ ظل الشيوعي على الدوام ناقدا للحكومة التي هو جزء منها، دوما نصاله مسنونة لطعنها وطعنها وطعنها، لم يرحمها يوما، وهذا ما جعل الجميع مستغربا من مواقف هذا الحزب، اذ شعر الكل سواء داخل الحكومة او خارجها بأن الحزب الشيوعي يعمل في الحكم والمعارضة معا ( كراع جوه وكراع بره) ، وهو موقف غير مقبول ومربك لرفقاءه وللشارع، وهذا بالضبط ما حدا بحزب المؤتمر السوداني الى مهاجمة مواقف الحزب الشيوعي هذه في بيان صريح وبوضوح بعد أن طفح الكيل.
حديث الحزب الشيوعي بلساني الحكومة والمعارضة في الفترة الماضية، أثبت أن الحزب يعاني من وجود تيارين داخله، تيار يدعم الوجود في تحالف قوى الحرية والتغيير والاستمرار فيه ويدعم حكومة الثورة لحين الوصول للانتخابات، وتيار ثاني يرفض كل هذا، التيار الأول واضح ان من قياداته الأستاذ صديق يوسف وهو ما يجعلنا نتسأل هل اقتنص التيار الثاني فرصة الأزمة الصحية الراهنة للأستاذ صديق يوسف فإنقض على موقف التيار الأول وأعلن الخروج من قحت؟!
وجود صراع التياران أعلاه داخل اضابير الحزب الشيوعي تؤكده واقعة البيان الذي صدر في صفحة الحزب الشيوعي الرسمية على الفيسبوك في أغسطس من هذا العام معنونا باسم الحزب الشيوعي بالعاصمة القومية والذي دعا للخروج من حكومة حمدوك واسقاطها، وهو بيان لا يختلف كثيرا عن بيان الخروج قبل يومين، بيد أن بيان اغسطس تم سحبه واعتذرت عنه اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ببيان آخر في ذات الصفحة وقالت أن هذا البيان لا يمثلها ولا يمثل خطها ولا يعبر عن مواقف الحزب الشيوعي تجاه الحكومة وتجاه تحالف الحرية والتغيير.
يظل الحزب الشيوعي حزبا تاريخيا له باع طويل في العمل السياسي السوداني مع أن سقطاته الكبيرة لا تغتفر بانقلابه على الديمقراطية في ١٩٦٩ ، وهو حزب مشهور بالصراعات الداخلية فهل كان موقفه الأخير صراع تيارات؟ وهل سنشهد انشقاقا جديدا في الحزب الشيوعي الذي تنكر لحكومة ثورة شعبية جاءت بالدماء والتضحيات؟ ليس هناك شيء مستبعد.
sondy25@gmail.com