قال الروائي الجزائري واسيني الأعرج في حديثه عن دعمه وتشجيعه للكتاب الشباب:”أنا أحتفي بالنموذج المتميّز، وحدث أن شجعت العديد من الكتاب وباتوا اليوم معروفين، فأنا لا أستطيع أن أبعِدَ أحداً عن الكتابة، بل أسعى لمنحه فرصة، لا أقطع عنه السبيل، وأصارحه بما يمتلكه من قدرات ولا أكذب عليه”.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية عقدت عن بُعد يوم (….) ضمن فعاليات الدورة الـ39 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، أدارها الإعلامي محمد أبو عبيد عبر منصة (الشارقة تقرأ)، وتناولت العديد من المحاور المتعلقة بالرواية وبنيتها، والفروقات بينها وبين الأجناس الأدبية الأخرى، كما تطرق الأعرج، الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في العام 2007، للحديث عن بداياته في كتابة الرواية وعلاقته بالفنّ والعاصمة السورية دمشق وغيرها من المواضيع.
وقال الأعرج: “أول نص حقيقي لي في مجال الأدب الروائي كان (وقائع من أوجاع رجل)، ولا أنسى أثر شخصيات ثقافية مرموقة عليّ مثل أنطون مقدسي، وحنة مينا، الذين بفضلهم أصبحت روائياً، وقد لمست منهم الكثير من الحفاوة والتشجيع والتقدير، وتعلّمت منهم أن أؤمن بأهمية دعم المثقف للكاتب الموهوب، وألاّ يبخل عليه ولا يتهاون معه في الوقت نفسه”.
أوضح الأعرج أن الرواية واحدة من الفنون الأدبية التي تستند بشكل كبير على الموهبة، لافتاً إلى أن صقل المواهب الروائية وتنميتها عامل مهم يسهم في اكتشافها واستنباط ما بداخلها من إبداعات، الأمر الذي ينعكس بدوره على بنية العمل وقيمة المنجز الذي يطمح له الكاتب في مسيرته.
وتابع: “شاركت مؤخراً في ورشة أقيمت في الشارقة تُعنى بتدريب الكتّاب الشباب على العمل الروائي، ومن الضروري إقامة مثل هكذا ورش كونها تمنح الكتّاب الموهوبين فرصة الكتابة بشكل منظّم، كما أنها تسهم في الكشف عن الكثير من الكتّاب الواعدين في مجال التأليف الروائي، الذي أعدّه فنّاً أدبياً يعتمد بالدرجة الأولى على الموهبة التي تقود لصناعة كاتب كبير، حيث تعلّمت خلال مسيرتي أن التفاصيل الصغيرة تكشف قدرات الكاتب الإبداعي، ويمكنك أن تميّز الموهوبين من كتاباتهم ورؤاهم التي يضّمنونها للنصّ. ولكن في المقابل، لا يمكنني إنكار وجود أعمال كثيرة يُعتقد أنها روايات لكنها في حقيقة الأمر خواطر”.
وأضاف: “ترأست العديد من لجان التحكيم التابعة لجوائز عربية كبرى في حقل الرواية، الكثير من المشاركات التي كانت تصل هي خواطر يُطلق عليها تسمية (رواية)، هذا يدفعني للقول إنه يوجد الكثير من الكتّاب لا يمتلكون وضوحاً في الرؤية بما يتعلق بكتابة الرواية، فهي جنس أدبي طرأ عليه الكثير من الاختلافات والتطورات منذ بدايته وحتى اليوم”.
وعن تحوّله من قاصّ إلى روائي، وأثر دمشق عليه، قال الأعرج: “أنا لا أملّ من الحديث عن دمشق لأنها مدينة القلب، جزء كبير من حياتي وذاكرتي قضيته هناك في الشام، وبالفعل ذهبت لها عندما كنت أكتب القصة القصيرة، وأولى المحاولات بالنسبة لي تمثّلت في كتاب (جغرافية الأجساد المحروقة) الذي أعتبر أنه امتلك نظاماً قصصياً ممتداً ولم يكن يمتلك مقياساً أساسياً للرواية، بالرغم من اطلاعي على العديد من الأعمال من روايات عالمية وعربية وغيرها رسّخت في داخلي هذا المفهوم”.