استضاف مركز راشد دياب للفنون برعاية شركة سكر كنانة المحدودة الأربعاء (11 نوفمبر 2020م) كلاً من المدير العام للمراعي والعلف بوزارة الثروة الحيوانية الدكتور عبد المنعم عثمان حسن، والمتخصصة في علوم البيئة الدكتورة هناء حمدنا الله في منتدى بعنوان ” التكيف البيئ”، أدارته الدكتورة زينب صالح، وذلك وسط حضور كبير من المهتمين، يتقدمهم البروفيسور الأمين العام للمجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية راشد مكي حسن.
أشاد مكي بالدور الكبير
الذي يؤديه مركز راشد دياب للفنون في مجال التوعية والتثقيف في الموضوعات الحياتية
كافة، وقال: “إن ضعف التوعية يعدّ من أكبر العوامل التي تهدد صحة الإنسان
والبيئة”، وأضاف أن المجلس الأعلى للبيئة سوف يكثف من جهوده في رفع درجة
الوعي، وتغيير السلوك المجتمعي إيجابياً، وذلك من أجل سلامة البيئة وحماية الموارد
الطبيعية.
وأشار مكي إلى التخلص من النفايات
الطبية بطريقة عشوائية، ويرى أن الحفاظ على البيئة هي مسؤولية يساهم فيها الجميع،
وكشف عن بعض البرامج التي يقوم بها المجلس الاعلى للبيئة المتمثلة في زيادة رفع
الوعي عن طريق المدارس والإعلام، وأعلن عن تعاون أكبر مع مركز راشد دياب للفنون في
مجال الإصحاح والتكيف البيئي.
وتحدث الدكتور عبد المنعم
عثمان حول محور التكيف البيئي في قطاع المراعي، وأشار إلى المفهوم العام للرعاة،
فقال إن هذا القطاع هو من القطاعات المهملة في السودان، مع أنه يمثل 14% من جملة
سكان السودان، لافتاً إلى أن مساحة المراعي في السودان تصل إلى 68 مليون هتكار،
وأضاف أن هذا القطاع يترحل من منطقة إلى منطقة أخرى، وهم يتكيفون مع البيئة
وتقلباتها، وذهب إلى أن هؤلاء الرعاة في ترحالهم يعتمدون أساساً على الكلأ والماء بوصفهما
عوامل أساسية للحياة.
وتوقف عثمان عند ثلاثة
أنواع من نمط حركة الرعاة، الأول هم رعاة مستقرون يمارسون الرعي والزراعة ،
والثاني رعاة لهم حركة محدودة ويتعلق بقطاع الأبالة، أما النمط الثالث فهو البقارة
الذين يترحلون مع أسرهم من مكان إلى آخر، ويرى أن الرعاة هم من أكثر الناس الذين
يحافظون على البيئة والمرعى، ولكن تدخل الحكومات كثيراً ما يفسد هذه البيئة؛ وذلك
بغرض البحث عن العائد المادي السريع، لافتاً إلى أن الرعاة يتميزون بخبرات تراكمية
كبيرة جعلتهم يعرفون كيف يحافظون على هذه البيئة والتكيف معها.
ومن المظاهر التي تؤدي إلى التغيرات المناخية -حسب رؤية عثمان-
تواتر حدة الجفاف وتواتر السيول والفيضانات، التي زادت من حدتها في السنوات
الأخيرة، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة ، إلى جانب العواصف الرملية.
وكشف عثمان عن أن الرعاة لهم آلية خاصة تتلاءم مع التكيف مع البيئة،
وعرج للحديث عن السياسات والاستراتيجيات لوزارة الثروة الحيوانية، وأشار إلى أنها
مسؤولة عن المراعي والرعاة، ومن ثم، مناط بها وضع السياسات التي تهدف إلى المحافظة
على البيئة، وشدد على أن أراضي المراعي هي أراضٍ غير صالحة للزراعة.
وختم الدكتور عبد المنعم
عثمان حديثه بعدد من التوصيات أهمها أن تولي الحكومة الاهتمام الكامل لقطاع
المراعي، إضافة إلى تفعيل القوانين التي تحمي هذه المراعي، هذا إلى جانب دعوة
الجهات الشعبية للاستثمار في قطاع المراعي.
وقدمت الدكتورة هناء حمدنا
الله نبذة عن التكيف البيئي بمفهومه العام، وقالت إنه قدرة الكائنات الحية على
التكيف مع البيئة، وأضافت بأن البيئة في السودان تواجه مجموعة من المشكلات التي
يصعب إيجاد حلول لها، وأكدت أن لها خطورتها على صحة الإنسان.
وتعرضت الدكتورة هناء للتحديات التي تواجه قطاع البيئة، وذكرت أنها
تراكمت على صعيد كل الأنظمة السياسية التي تعاقبت على حكم السودان منذ الاستقلال،
ومن ثم، انعكست على البيئة، فأدت إلى نزوح عدد كبير من الناس، وصار هنالك ضغط كبير
جداً على المجتمعات الكبيرة المستوطنة، وعلى الخدمات.
وترى أن السودان مهدد
بعوامل بيئية مختلفة، مثل: الجفاف والتصحر والتلوث البيئي والتدهور الاحيائي
وتراكم النفايات، وأعترفت بأن الدولة أهملت هذا القطاع إهمالاً شديداً، الأمر الذي
فاقم من حجم المشكلات البيئية الموجودة أصلاً، وأعربت عن أن التعدين العشوائي في
مناطق الذهب واستخدام الزئبق والنفايات الالكترونية من المخاطر البيئية الجديدة،
مشيرة إلى أن الزئبق يسبب كثيراً من الأضرار على صحة الانسان، إلى جانب الغازات
التي تنبعث من عوادم الركشات من خلال خلط البنزبن مع الزيت، وناشدت الدكتورة هناء
الدولة بالتدخل العاجل، وإجراء التدابير اللازمة لحماية الانسان من هذه المخاطر،
ومحاولة إيجاد حلول بديلة.
وترى الدكتورة هناء أن التغيرات المناخية تؤثر بشكل أو بآخر في بعض القطاعات المهمة التي تشكل عصب الحياة، مثل: مياه الشرب والزراعة، إضافة إلى انخفاض درجة الأمطار، التي بدورها قد تؤثر في حركة الرعاة، وكشفت عن أن هؤلاء الرعاة لهم مؤشرات مختلفة يتعرفون بها على أوقات الزراعة ونزول الامطار، لافتة إلى أنها معارف تقليدية طالبت الدولة بالاستفادة منها وكيفية تطويرها، وأوضحت أن السودان صادق على الاتفاقيات الثلاث الخاصة بالبيئة وتغيير المناخ، ولكن للأسف لم يجد الدعم الكافي من هذه الاتفاقية، وأكدت أن السودان متأخر جداً في نقل التقنية، مناشدة بضرورة إيجاد دعم حقيقي لحل جميع المشكلات البيئية .
وفي تعليقه، رأى الدكتور
راشد دياب أن الجفاف والتصحر هما سبب أساسي في قيام الحروب الأهلية في السودان،
والذي بدوره أدى إلى النزوح ومن ثم الانهيار الاقتصادي، وقال: “إن الانسان
السوداني بالرغم من حبه لوطنه، ولكنه لا يجتهد في تقديم الخدمات”، مشيراً إلى
قلة ثقافة هذا الانسان السوداني بالبيئة والمتمثلة في قطع الأشجار وحرقها، وعاب
الدكتور راشد وجود المباني على شاطئ النيل، وطالب بان تتحول منطقة مطار الخرطوم
إلى بيئة سياحية لجذب السياح الأجانب.
وختم الجلسة الفنان نادر عثمان جمال الدين بعدد من الأغنيات الجميلة.