فاجأ إعلان ضخم موزع في أهم ثلاثة مواقف للمواصلات بالعاصمة المثلثة المواطنين في صباح يوم أحد، لا يذكر أحد إن كان الأحد الماضي، أو أحد آخر سبقه بأيام.
المهم، ما يذكره الجميع وباتفاق أن المواقف الثلاثة الكبرى: الشهداء في أم درمان، والمحطة الوسطى في بحري، وميدان جاكسون في الخرطوم؛ جميعها شهدت في لحظة واحدة تجمعاً كبيراً للمواطنين حول إعلان ضخم محمول على قوائم خشبية، تتوسطه صورة لشاب ثلاثيني، أشبه بنجوم السينما في وسامته، ويتصدره من الأعلى وبخط كوفي عريض وملون بالأحمر، جملة إعلانية – هي التي شدت الجميع. وتُقرأ: “هذا الرجل للبيع – سارع واشتري قبل أن يسبقك مشترٍ آخر”.
بعضهم رأى الأمر مجرد مزحة، قد تكون على شاكلة الكاميرا الخفية، وبعضهم الآخر رآه سفهاً سلطوياً المقصود منه صرف الناس عن همومهم، فيما تعامل آخرون مع الموضوع برمته بدافع الفضول لا أكثر، في حين اهتمت قلة قليلة بالإعلان بشكل جدي، والأخيرون “الفضوليون” و”الجادون” هم من تسنى لهم قراءة بقية المادة الإعلانية المرفقة مع الصورة الوسيمة للشاب، الشيء الذي لفتهم إلى بعض مزاياه الأخرى، مثل: عضلاته المفتولة والشهوانية التي تشع من عينيه، وتظلل شفتيه.
على الجانب الأيمن من اللوحة الإعلانية كُتب: “يمكن الشراء لمدة عام، أو عدة أعوام، أو بالتملك إلى الأبد.. وكله بسعره المفصل”، كما كُتب: “هذا الرجل – السلعة، شاب مؤدب، وشهم وشجاع وفحل لا يجارى”. أما على الجانب الأيسر من اللوحة الإعلانية فكتب: “هذا الرجل – السلعة، خريج جامعي تخرج بدرجة الامتياز، وهو مثقف ومتمكن من اللغات الأجنبية، ومن استخدامات الكمبيوتر.. إنه تحفة”، أيضا كُتب: “يجيد كل الأعمال الشاقة بدءاً من الزراعة إلى العتالة والحراسة الليلية.. إنه أقرب إلى حمار وكلب عند الضرورة”.
وعند أسفل اللوحة كتب بخط وردي بهي: “يمكن شراء هذا الرجل – السلعة لأغراض الأعضاء البشرية، بحسب العضو المطلوب ومدى تأثيره في حياته، يمكن البيع بالتجزئة أو كاملاً.. وكله بسعره المناسب والمحدد”. وبكتابة ضوئية متقطعة تظهر وتبين قرأ المتجمهرون: “للجادين يمكن الاتصال على الرقم الثابت 19998054 أو رقم الموبايل 0741000781”.
أغلب الفضوليين أكدوا أنهم شاهدوا بعض الرجال من المتجمهرين الجادين، وهم يخرجون موبايلاتهم، ويسجلون أرقام التلفونات، ويلتقطون صوراً للوحة الإعلانية، كما أن هناك بعض النساء اللائي توقفن منبهرات كثيراً أمام الصورة قبل أن يأخذن صور سيلفي، والشاب الوسيم مفتول العضلات يبتسم بعنفوان من ورائهن.
في صباح ما، مشوش وبارد، وجد الفضوليون، لوحات الإعلانات بالمواقف الثلاثة خالية من صورة الشاب – السلعة، وبدلاً منها بياض ناصع كتب عليه بخط بهيج عريض: “السلعة بيعت. سنعرض أخرى خلال أيام قليلة.. فترقبونا”.