وإن كان بحسب تقديراتُه الشخصية يُصنِّف نفسهُ من المظلومين أو كما قال في إحتفالات السلام بساحة الحُرية ، فإن الجنرال حميدتي لا يحق لهُ ومعهُ كل الجالسين على سُدة قيادة السودان الإنتقالي ، والذي أصبحت سمتهُ الأساسية بالنسبة لعامة الناس مُطلق البؤس والفقر وقلة الحيلة والإحباطات التي لا تنقطع ، أن يدَّعي صراحةً أو توريةً أنهُ مظلوم ، لأن كل ما توفَّر من ظُلمٍ في هذه البلاد المنكوبه قد تم (تخصيصهُ) وإحتكارهُ وتوجيههُ لفائدة الشعب السوداني ، والشواهِد على ذلك كثيرة ، ولن تكون الضائقة المعيشية والغلاء الفاحش وإنعدام الخدمات بما فيها خدمتي التعليم والصحة أولها ، ولا إندثار آمال الثوار في القصاص لشهداء الثورة وجرحاها ومفقوديها مُنتهاها ، فحتى ما عاناهُ الشعب في عهد الإنقاذ البائدة من تهميش السُلطة لقضاياهُ المُلِّحة وجعلها في ذيل الأوليات ، ما زال يمثُل أمام أعيننا واضحاً الآن في دولة الديموقراطية التي يحكُم بإسمها من يشتكون الشعور بالظُلم اليوم ، والسؤال الذي تنبغي الإجابة عليه : ومَن هو الظالم إذاً ؟ ، حتى خشينا أن يكون المُتَّهم بظلمهم هو الشعب السوداني ، ففي دُنيا إختلال المعايير وتناقض الأشياء والوقائع التي نعيشها اليوم لا نسبتعد أن يتَّهِم الحاكم شعبهُ بالظُلم والتجَّني والإساءة ، في محاولة لإعتمادِ (بِدعةٍ) جديدة مفادها تحميل المواطن وِزر الإخفاقات وبعضاً من ما يُنغِّص سعادة الحُكام ويقُضُ مضاجعهُم ، والسوابق موثَّقة ومشهودة عندما قال فقهاء السُلطان في عهد البشير المخلوع للشعب السوداني أن الحكومة بريئة من ما تعانونهُ من شظفٍ في العيش ، وأن الفقر والعوز والمكاره إنما هي من مغبة إبتعادكم عن رب العالمين.
أيها القادة المُرفَّهون في قصور الحكم والمُنَّعمين ببُهرج السلطان ، دعوا (خانة) المظلومين والبُكاء على الواقع المرير لهذا الشعب المكلوم بضياع آمالهِ فيكم ، ولا تسلبوهُ فضيلة التعاطُّف مع نفسهِ ورثاءها ، وإلتفتوا بعد أن أعلنتُم في بداية الفترة الإنتقالية أن الأولوية لرفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإنجاز إختراق مُقدَّر في ملف السلام ، ثم آخراً وأخيراً معالجة الضائقة الإقتصادية وآثارها الوخيمة على الواقع الإنساني والأخلاقي والقيِّمي والسلوكي على المجمتع السوداني ، الذي على ما يبدو يحُثُ الخُطا نحو (مرحلة الصراع الشارعي من أجل الحصول على الطعام والعلاج) ، بعد ما أكمل مشوار صراعاته من أجل الكرامة والعِزة والحرية والمساواة ، آن الآوان للإلتفات بجدية إلى مَن تُصنع من أجلهِ الأوطان ، فالإنسان السوداني هو عماد التنمية والحامي والمدافع الأول عن بقاء الوطن ورِفعة مقامهِ بين الدول ، لا تُرجئوا قضاياهُ المعيشية والحيوية أكثر من ذلك فقد بات قيد أنملة أو أقرب من الكُفر بمردودات ثورتهِ المجيدة .. اللهم هل بلَّغتْ.