وكأن اذلال كورونا للبشريه وبهدلتهم وحده لا يكفى لاثارة الدوافع للطم الخدود وشق الجيوب . نشب الموت اظافره فى دلقو بلدنا الجميلة وخطف اجمل زهورها .. قبل ان اخلد الى النوم فى الليلة الماضية قررت ان ألوذ بالصمت وان أكبت النواح عقب الرحيل المفاجىء لحبيبنا مرتضى ابراهيم عبد الرزاق ريثما يتم اتصالى فى اليوم التالى بتاج الدين ابراهيم عثمان و لطفى عبد الرحيم – سنايرنا فى اسكندرية ورفاق مرتضى الذين مهدوا الطريق امامنا فى الثغر الباسم – بحثا عن بلسم لديهما ربما قد يكبح جماح أحزاننا ، عندما جئت الاسكندرية جديدا حذرنى مرتضى من الانقياد للتاج الشهير بتاج اوراد وقال لى بالحرف الواحد : لو سمعت كلامه ستضيع ، لكننى كنت ابذل للتاج فروض الطاعة وانفذ ما يطلبه – معتبرا تحدثه باللهجة المصرية فهلوة يجب التعلم منها – اذا قال لى : روح شمال اروح شمال ، روح يمين اروح يمين.
وكانت خطتى التكتيكية من وراء الانصياع له هى معرفة الطريق والمواصلات الى المنشية حيث يقيم عمنا عثمان ابوبكر شريف الذى كان مكلفا من ذوينا بتسليمنا مرتضى والتاج وشخصى مصاريفنا الشهرية عند اول كل شهر باعتباره كان موظفا كبيرا فى احدى شركات البترول .. والحق اننا جميعا مدينون لعم عثمان ، اذ بخلاف المصروف ، فتح اعيننا وطوق اعناقنا بجمايل لا حصر لها ايضا ،
وهو كان حكاءً من طراز فريد يشدك سرده وقد حفزنى للانفتاح على أنساب دلقو والحياة الاجتماعية لناسها . و الشىء بالشىء يذكر ، سألنى عمنا الراحل ابراهيم عبد الرزاق رحمه الله بجدية متناهية ذات مأتم فى أقترى وبعد سنوات من تخرجنا إن كنا نجزل الشكر بصريح العبارة لعمنا عثمان صباح مساء نظير مساهمته الكبيرة فى تعليمنا ؟!!! فتأمل يا صاح أى طينة من الرجال كان آباؤنا . وعل ذلك يتناغم مع حكاية احتفاظ مرتضى ببنطلون الجينز الجديد الذى حرقه بيده لا بيد عمرو فى سوق دلقو حيث اثر التضحية ببنطلونه عندما ظهر خالنا سالنتود رحمه الله من بعيد بينما هو يستمتع بسيجارة فى انتظار عربة البوستة التى ستقله الى وادى حلفا فى طريقه للاسكندرية !!!
قلت الصباح رباح وفيه براح للاسترسال فى سبيل استعادة سيرة مرتضى عند الاتصال بتاج و لطفى ، لكن عوضا صحوت على رسالة من استاذنا انور محمدين تنعى الشاب الخلوق عصمت محى الدين ابراهيم عثمان الذى قضى فى حادث سير على طريق شريان الشمال وهو فى طريقه من وادى حلفا للخرطوم . .وياله من حادث كارثى!!
نسأل الله ان يلطف بالفقيدين العزيزين وان يزرع السكينة والطمأنينة والصبر الجميل فى ربوع دلقو فهى من اكثر بلاد الله حاجة اليوم للمؤازرة والمواساة.. اللهم اكتب الشفاء التام لعزيز القوم محى الدين ابراهيم عثمان عاشق وادى حلفا والجرحى .. اللهم انا نشهد لمحى الدين انه استجاب بهمة لتحدى الهجرة العكسية وولى وجهه شطر وادى حلفا مبكرا مستثمرا هو وفلذات كبده هناك بينما باقى القوم يطاردون السراب فى نواحى الكلاكلات وما جاورها بلا طائل !!!